إعداد:
أمل الزهران.
خاص: شبكة
الفجر.
في تصعيد غير
مسبوق، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ مطلع العام الجاري حملة عسكرية موسعة تستهدف
مناطق متعددة في شمال الضفة الغربية، لا سيما في مخيمات جنين، طولكرم، ونور شمس. العمليات،
التي وصفت بأنها الأعنف منذ عقود، أسفرت عن تدمير هائل للبنية التحتية، وتهجير عشرات
الآلاف من السكان، واعتقالات واسعة النطاق طالت مئات الفلسطينيين، بينهم أطفال ونساء
وأسرى محررون.
ميدانياً،
اقتحمت قوات الاحتلال عدة مناطق في الضفة الغربية، شملت الخليل، رام الله، بيت لحم،
نابلس، وطولكرم، ونفّذت خلالها مداهمات واسعة لمنازل المواطنين، رافقها تخريب للممتلكات
واعتقالات جماعية. وفي الخليل، هاجم مستوطنون مسلحون سكان منطقة مسافر يطا، مما أدى
إلى إصابة سيدة بجروح، بينما توغلت قوات الاحتلال في أحياء المدينة واعتقلت خمسة مواطنين.
وفي طولكرم،
واصلت الجرافات العسكرية عمليات الهدم المستمرة منذ أكثر من خمسة أشهر، مخلفة دماراً
واسعاً طال مئات المنازل والمنشآت. وفي شمال المدينة، داهمت قوات الاحتلال عدداً من
المنازل واعتدوا بالضرب على أحد المواطنين. وترافق هذه الاقتحامات مع تحليق مكثف للطائرات
المسيرة وفرض حظر تجوال في بعض المناطق.
مخيم جنين
لم يكن بمعزل عن هذه التطورات، حيث اقتحمت قوات الاحتلال حي الهدف فجراً، وطوّقت المنازل
بطائرات دون طيار، واعتدت على عدد من الشبان، وسط سماع لإطلاق نار كثيف. كما تواصلت
عمليات الهدم داخل المخيم، والتي شملت حتى الآن أكثر من 600 منزل، بالإضافة إلى شق
طرق جديدة في عمق البنية التحتية للمخيم.
وفي غرب جنين،
ارتكبت القوات الإسرائيلية جريمة مروعة بإطلاق النار على فلسطيني، ثم دهسه بآلية عسكرية
وهو جريح، قبل أن تحتجز جثمانه وتعتقل أبناءه. هذه الجريمة أعادت إلى الأذهان ممارسات
الاحتلال التي لا تتوقف عند حدود استخدام القوة المفرطة، بل تتجاوزها إلى عمليات إعدام
ميدانية.
تحليلاً، العدوان
الصهيوني المتواصل على شمال الضفة الغربية يكشف عن استراتيجية متعمدة لإعادة تشكيل
المشهد الجغرافي والديمغرافي في المخيمات الفلسطينية، وذلك ضمن مساعٍ أعمق لمحو الهوية
الوطنية للاجئين الفلسطينيين. ما يجري من هدم واسع للمنازل وشق الطرق وتدمير البنية
التحتية، لا يمكن فصله عن مسار سياسي أوسع يهدف إلى إنهاء رمزية المخيم كأحد أبرز معالم
اللجوء الفلسطيني وحق العودة.
كما أن استخدام
القوة المفرطة، واقتحام الأحياء السكنية بطائرات ودبابات، والتهجير القسري لنحو 40
ألف فلسطيني من مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس، يعيد للأذهان تكتيكات الاحتلال في غزة،
ويثير مخاوف متزايدة من نيته لفرض وقائع جديدة على الأرض تمهيدًا لضم أجزاء من الضفة
الغربية فعليًا، في ظل غياب أفق سياسي أو مساءلة دولية فعالة.
وفي ظل هذا
التصعيد، يبقى المواطن الفلسطيني في مواجهة آلة عسكرية تسعى لتفريغ الضفة من سكانها
الأصليين، وجعل مناطقها تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي بالكامل، بينما تتصاعد الدعوات
من داخل حكومة الاحتلال لضم الضفة الغربية رسميًا، في تحدٍ صارخ للقانون الدولي وللمواثيق
الدولية.
أمام هذه التطورات، يبقى المشهد في الضفة الغربية مفتوحاً
على كافة الاحتمالات، وسط صمت دولي متواطئ، ومعاناة إنسانية متفاقمة، ونزوح متواصل.
وبينما تحوّل المخيمات إلى أنقاض، تتجذر الأزمة أكثر، في ظل غياب حلول حقيقية وغياب
أي مساءلة قانونية على جرائم الاحتلال المستمرة.