أمل الزهران/ خاص الفجر
في زيارةٍ رسميةٍ تحمل أبعادًا سياسيةً
واقتصاديةً وثقافية، انهى رئيسُ الجمهورية العماد جوزاف عون محادثاتِه في العاصمة البلغارية
صوفيا مع نظيره الرئيس رومين راديف، في قصر الرئاسة البلغارية، حيث جرى استقبالٌ رسمي
تخللته مراسم عسكرية وعزفُ النشيدين الوطنيين اللبناني والبلغاري.
اللقاءات الثنائية والموسّعة بين الجانبين
ركّزت على تعزيز العلاقات بين لبنان وبلغاريا في مختلف المجالات، من التجارة والطاقة
والزراعة والتعليم العالي، وصولاً إلى التعاون الأمني والعسكري والقضائي.
وفي مؤتمرٍ صحافي مشترك، أكّد الرئيس
عون أن زيارة العاصمة صوفيا ليست انتقالًا في الجغرافيا فحسب، بل هي أيضًا زيارةٌ للتاريخ،
مشيرًا إلى أن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين تمتدّ لأكثر من ستين عامًا.
عون دعا إلى رفع مستوى التبادل التجاري
الذي بلغ ذروته عام 2018 ولامس 175 مليون يورو، مؤكدًا أن الهدف اليوم هو العودة إلى
هذا المستوى وتجاوزه، من خلال إحياء منتدى رجال الأعمال اللبنانيين والبلغاريين وتشجيع
مشاريع مشتركة جديدة.
الرئيس اللبناني شدّد على أن مهمة الجيش
اللبناني مصيرية في هذه المرحلة الدقيقة، معتبرًا أن على الجيش وحده، دون أي شريكٍ
من خارج الدولة، أن يبسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها وحدودها. كما نوّه
باتفاق التعاون العسكري مع بلغاريا، مشيرًا إلى إمكانية الاستفادة من خبراتها في التصنيع
العسكري وإعداد الأطباء العسكريين.
عون أعلن كذلك عن اتفاق الجانبين على
إعداد مذكرة تفاهم بين وزارتي الخارجية في البلدين، تُترجم عمق العلاقات الثنائية وتطابق
الرؤى في القضايا الإقليمية، مؤكدًا على أهمية التعاون القضائي، خصوصًا في ملف انفجار
مرفأ بيروت، الذي وصفه بأنه قضية وطنية لا تراجع عن كشف حقيقتها.
من جهته، أثنى الرئيس البلغاري رومين
راديف على جهود لبنان لاستعادة الاستقرار في ظل ظروفٍ إقليميةٍ معقدة، معلنًا استعداد
بلاده للمساهمة في إعادة إعمار لبنان، ولا سيما في مجالات الزراعة والتعليم العالي
والثقافة والاستثمار.
راديف أشار إلى أن بلغاريا لم توقف
رحلاتها الجوية إلى بيروت حتى في أصعب مراحل الحرب الأهلية، مؤكّدًا أن بلاده ستواصل
دعم الحوار بين لبنان والاتحاد الأوروبي، وستعمل على إعادة فتح الخط الجوي المباشر
بين بيروت وصوفيا.
الجانب اللبناني شدّد خلال المحادثات
على أهمية إعادة النظر في الاتفاقيات الموقعة بين البلدين وعددها نحو 25 اتفاقية، وتحديثها
لتتلاءم مع التطورات الراهنة، فيما أبدى الجانب البلغاري استعداده لتشكيل لجانٍ مشتركة
لتفعيل التعاون في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والصناعة العسكرية.
زيارة الرئيس عون إلى بلغاريا شكّلت
محطةً جديدة في مسار الدبلوماسية اللبنانية نحو أوروبا الشرقية، ومحاولة لإعادة وصل
لبنان بشركائه التاريخيين عبر اقتصادٍ منفتحٍ، وجيشٍ قوي، وعدالةٍ تُلاحق الحقيقة حتى
النهاية.