أمل
الزهران/ خاص الفجر
انطلقت في
بيروت يوم أمس فعاليات مؤتمر "بيروت 1" بمشاركة واسعة تجاوزت 900 شخصية و150
مستثمراً من العالم العربي والغربي، في خطوة يراها تشكل محطة مفصلية لإعادة لبنان إلى
خارطة الاستثمار بعد سنوات من الأزمات المتلاحقة. المؤتمر، الذي ينعقد تحت شعار
"الثقة المستعادة"، يشكّل بداية مسار جديد لإعادة بناء الثقة بين الدولة
والمواطنين من جهة، وبين لبنان ومحيطه العربي والدولي من جهة أخرى.
وفي كلمة لافتة
حملت رسائل سياسية واقتصادية واضحة، أكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أن لبنان
لا يطلب تعاطفاً ولا ينتظر صدقة، بل يسعى إلى ترسيخ الثقة وتقديم فرصة حقيقية للشراكة
والاستثمار. وشدد الرئيس عون على أن وجود الوفود العربية والدولية في بيروت هو
"استثمار في الاستقرار وفي الطاقات الشابة"، لافتاً إلى أن لبنان بدأ فعلياً
مسار إصلاحات حقيقية تقوم على الشفافية والمساءلة وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة على أسس
الكفاءة والالتزام بالقانون.
وأبرز عون
في كلمته أن انفتاح لبنان على محيطه العربي والدولي ليس شعاراً بل توجهاً عملياً نحو
شراكات جديدة وتعزيز موقع البلاد في خريطة الأعمال الإقليمية والدولية. وأشار إلى أنّ
العمل جارٍ على تفعيل هيئات الرقابة والمحاسبة، باعتبار أن الدولة التي تحمي مواردها
وتحاسب مسؤوليها هي الدولة القادرة على حماية المستثمر والمواطن في آن.
من خلال المؤتمر،
يسعى لبنان إلى طمأنة المستثمرين عبر التأكيد على تثبيت الأمن الداخلي وتهيئة بيئة
اقتصادية أكثر استقراراً، في ظل الجهود المبذولة لتجاوز آثار الانهيار المالي وانفجار
المرفأ والأزمات السياسية المتعاقبة.
ويمكن القول
إن الانطلاق الرسمي لمؤتمر "بيروت 1" يمثل فرصة اختبار حقيقية لما إذا كانت
الوعود بالإصلاح قادرة على ترجمة نفسها في مشاريع عملية تجذب الاستثمارات وتعيد تحريك
عجلة الاقتصاد.
وتبرز أهمية
المؤتمر أيضاً في كونه يشكّل مؤشراً واضحاً على عودة الاهتمام العربي والدولي بلبنان،
بعد سنوات من الفتور الدبلوماسي والاقتصادي. فالحضور الخليجي، ولا سيما السعودي، يحمل
دلالات تتجاوز الجانب الاستثماري إلى إعادة وصل ما انقطع سياسياً واقتصادياً، فيما
يعكس وجود المؤسسات الدولية رغبة في متابعة الإصلاحات عن قرب وتقييم جدّية الدولة اللبنانية
في الالتزام بخطط النهوض. هذا الزخم الخارجي يمكن أن يشكّل رافعة أساسية للبنان، شرط
أن تقابله خطوات داخلية حقيقية تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التعافي المستدام.
وبين رسائل
الطمأنة السياسية وحضور الوفود العربية والدولية، تبدو بيروت اليوم وكأنها تسعى إلى
بناء مشهد جديد عنوانه: لبنان فرصة… لا أزمة.