أمل الزهران/ خاص الفجر
مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية
للعام 2026، تعيش الساحة السياسية اللبنانية حالة من الترقب والتوتر، في ظل استمرار
الخلافات حول قانون الانتخاب، لا سيما ما يتعلق بآلية اقتراع اللبنانيين المقيمين في
الخارج. وفي هذا السياق، جاء اللقاء الذي عقده رئيس الجمهورية مع عدد من الكتل النيابية،
ليؤكد جدية القصر الجمهوري في مقاربة الملف الانتخابي بوصفه استحقاقاً دستورياً لا
يحتمل التأجيل أو التلاعب السياسي.
يأتي اللقاء في وقت تُطرح فيه تساؤلات
جوهرية حول مستقبل العملية الانتخابية، وسط تباينات حادة في تفسير الصلاحيات الدستورية،
وتضارب في الرؤى حول كيفية إشراك المغتربين في العملية الانتخابية. فالانقسام لا يقتصر
على الشكل، بل يتعداه إلى مضمون المشاركة، بين من يطالب بمنح المغتربين ستة مقاعد مخصصة،
وفق ما ينص عليه القانون الحالي، ومن يصرّ على توسيع نطاق اقتراعهم ليشمل انتخاب جميع
النواب، وفق قيودهم الأصلية في لبنان.
اللقاء التشاوري في القصر الجمهوري
لم يكن مجرد اجتماع بروتوكولي، بل حمل دلالات سياسية واضحة، في توقيته ومضمونه. فقد
شكّل منصة للتأكيد على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها، واحترام الآليات الدستورية،
بعيداً عن منطق التمديد أو تعطيل الاستحقاقات. كما عكس اللقاء توجهاً نحو البحث عن
تسوية سياسية تضمن إجراء الانتخابات دون المساس بثوابت التمثيل، مع مراعاة الظروف الداخلية
والخارجية التي تحيط بالبلاد.
خلال الاجتماع، شدد الرئيس عون، على
أن "الانتخابات النيابية استحقاق لا يمكن التراجع عنه أو تأجيله، تحت أي ذريعة،
وموقفي واضح: لا للتمديد، ولا لتهريب الوقت على حساب الدستور".
وأضاف: "الخلاف حول آلية اقتراع
المغتربين لا يجب أن يتحول إلى معركة كسر إرادات. المطلوب تسوية تحفظ حق المغتربين،
وتحمي انتظام العملية الانتخابية، وتراعي التوازنات السياسية القائمة".
بعيداً عن التجاذبات، يبدو أن هناك
إدراكاً عاماً، ولو ضمنياً، لدى مختلف القوى السياسية، أن البلاد لا تحتمل الدخول في
فراغ جديد أو تمديد غير مبرر للمجلس النيابي. فالوضع الداخلي هش، والضغوط الدولية تتزايد
لدفع لبنان نحو إجراء إصلاحات بنيوية، تبدأ بإجراء الانتخابات في مواعيدها الدستورية.
الأسابيع المقبلة كفيلة بكشف الاتجاهات
الفعلية: إما نحو تفاهم مرحلي يُجنّب البلاد صراعاً سياسياً جديداً، أو نحو مزيد من
الانسداد في الأفق، في حال استمرت العرقلة، سواء من خلال تعطيل الجلسات أو الإصرار
على فرض وجهات نظر دون توافق وطني شامل.