أمل الزهران/ خاص الفجر.
تتواصل في لبنان تداعيات الحرائق الضخمة
التي اندلعت منذ يوم الاثنين في عدد من المناطق، أبرزها في غابة بكاسين، أكبر غابة
صنوبر في الشرق الأوسط، وفي قضاء جزين وإقليم الخروب جنوب البلاد، مخلفةً خسائر بيئية
جسيمة وموجة من الهلع بين السكان.
مشاهد مروعة شهدتها منطقة بكاسين، حيث
التهمت النيران مساحات واسعة من أشجار الصنوبر والزيتون وكروم العنب، يفاقم فقدان الغطاء
النباتي ويهدد التوازن البيئي في المنطقة. فيما غطّى الدخان الكثيف المنازل، ما دفع
الأهالي إلى إطلاق نداءات استغاثة عاجلة للمساعدة في عمليات الإخماد.
وقد واجهت فرق الدفاع المدني والجيش
اللبناني صعوبات كبيرة بسبب وعورة التضاريس واشتداد الرياح، في وقت عملت الطوافات العسكرية
على احتواء الحريق ومنع تمدده.
الحرائق أدت إلى تدمير مساحات خضراء
شاسعة تُعدّ من أثمن الثروات الطبيعية في لبنان، خصوصاً في غابة بكاسين التي تُعتبر
رمزاً بيئياً وسياحياً.
وزيرة البيئة تمارا الزين أكدت في بيانها
أن "لا حرائق تنشب دون تدخّل بشري، سواء متعمّد أو غير متعمّد"، مشيرةً إلى
أن العوامل الطبيعية كالرياح والجفاف ساهمت في توسع النيران، لكن البداية غالباً ما
تكون نتيجة فعل بشري أو إهمال.
وأضافت الزين أن "العدو الإسرائيلي
أحرق خلال الأشهر الأخيرة أكثر من 8700 هكتار من الأراضي الزراعية والحرجية في الجنوب،
واستكمل بالأمس الجريمة البيئية عبر إلقاء أجسام حارقة في الأحراج، ما فاقم حجم الكارثة".
وشددت الوزيرة على ضرورة دعم الدفاع
المدني بالموارد والمعدات، والعمل على تأسيس أنظمة إنذار مبكر وتخزين مياه في المناطق
المعرّضة للحرائق، مؤكدةً أن "إعادة تأهيل المواقع المتضررة يجب أن تتم بطريقة
علمية ومدروسة".
من جهته، تابع رئيس الجمهورية العماد
جوزاف عون من بلغاريا، تفاصيل الحريق في جزين وبكاسين، وأعطى توجيهاته إلى الدفاع المدني
والجيش اللبناني لبذل أقصى الجهود لإخماد النيران والاهتمام بحاجات المواطنين المتضررين.
كما طلب وزير الداخلية والبلديات أحمد
الحجار من قوى الأمن الداخلي فتح تحقيقات فورية في الحرائق المشتبه بافتعالها، وتوقيف
الفاعلين وإحالتهم أمام القضاء المختص، مؤكداً أن ما يحدث يشكل "كارثة بيئية وطنية
تتطلب محاسبة جدية وسريعة".
وبينما تعمل طوافات الجيش على تبريد
البقع المشتعلة لمنع تجدد النيران، يبقى المشهد في الجنوب اللبناني صورةً مؤلمةً لتراجع
المساحات الخضراء، وناقوس خطر جديد يدقّ بوجه غياب أنظمة الوقاية والدعم البيئي في
بلدٍ كان يُعرف يوماً بطبيعته الخضراء.