إعداد: أمل
الزهران.
خاص: شبكة
الفجر.
في خطوة جديدة تُضاف إلى المسار التشريعي
المعقّد لإصلاح القطاع المصرفي في لبنان، عقدت اللجنة الفرعية المكلفة بدراسة قانون
إصلاح المصارف جلسة جديدة برئاسة النائب ابراهيم كنعان، وبحضور وزير المال ياسين جابر،
إلى جانب مجموعة من النواب، من مختلف التكتلات السياسية، بالإضافة إلى مستشار وزير
المال سمير حمود ومدير الشؤون القانونية في مصرف لبنان بيار كنعان.
الجلسة التي عُقدت في المجلس النيابي،
تميّزت بتقدّم ملموس في نقاشات اللجنة، حيث أعلن النائب كنعان أن النقاش والإقرار في
قانون إصلاح المصارف شارف على نهايته، متوقعاً الانتهاء منه في جلسة أو جلستين الأسبوع
المقبل، ليُحال بعدها إلى لجنة المال والموازنة، ومن ثم إلى الهيئة العامة للمجلس النيابي.
كنعان كشف أن اللجنة أنجزت حتى اليوم
27 مادة من أصل 37 تقريبًا، من بينها مواد حاسمة تتعلق بصلاحيات الهيئة المصرفية العليا،
ولجنة الرقابة على المصارف، وآلية تعيين المصفّي ولجان التصفية في حال بلوغ مرحلة تصفية
أي مصرف متعثّر.
وفي تطوّر بارز وصفه كنعان بـ"المحوري"،
أُقرت مشاركة المودعين عبر ممثل خاص بهم ضمن لجان التصفية، إلى جانب ممثلين عن الدائنين
والمساهمين، إضافة إلى خبير مصرفي أو مالي، خبير قانوني، ورئيس مؤسسة ضمان الودائع
أو من يمثله. خطوة اعتُبرت بمثابة انتصار معنوي للمودعين، الذين طالما غاب صوتهم عن
طاولات القرار المالي، خصوصاً في ظلّ الانهيار الحاصل منذ العام 2019.
وأكد كنعان في تصريحاته بعد الجلسة
أن اللجنة "حريصة على تأمين الاستقلالية الكاملة للهيئة عن السلطة السياسية والمصارف"،
مشدداً على أن "حلّ أزمة المودعين يجب أن يكون عادلاً ومنصفاً".
لكن كنعان لم يخفِ قلقه، بل حذّر من
"أي محاولة لاستعمال قانون إصلاح المصارف لغير الهدف الذي وُضع من أجله"،
قائلاً إن هذا "لن يمر مرور الكرام".
هذا التطور التشريعي الذي يُسجّل على
مستوى قانون إصلاح المصارف، قد يُشكّل نقطة تحوّل في المسار الاقتصادي اللبناني إذا
ما ترافق مع خطوات تنفيذية موازية. إن إدراج ممثل عن المودعين ضمن لجان التصفية هو
اعتراف صريح بدورهم كأحد أكبر المتضررين، بل الشركاء القسريين في الأزمة.
ومع أن هذا التطور يُسجل كنقطة إيجابية، إلا أن التنفيذ
العملي يبقى مرتبطًا بعوامل أكثر تعقيداً:
أولها، إقرار قانون استرداد الودائع،
وهو القانون الذي شكّل محورًا أساسيًا في مقترحات الإصلاح المالي، سواء في خطط صندوق
النقد الدولي أو في توصيات اللجان البرلمانية. وحتى الآن، لا يزال هذا القانون ينتظر
الإحالة من الحكومة.
ثانيًا، يبقى السؤال مطروحاً: هل سيكون
هناك توافق سياسي واسع على النص النهائي لقانون الإصلاح، خصوصًا في ظل الانقسام الحاد
حول تحميل المسؤوليات وتحديد الخسائر؟
وهنا، يُعاد تسليط الضوء على ما قاله
النائب فريد البستاني في لقاء تشاوري مع وزير الاقتصاد، حيث طالب الحكومة بالتحرك السريع
وإقرار قوانين الانتظام المالي وإعادة هيكلة المصارف، والتي قدّمها منذ شباط الماضي
دون أي تجاوب.
في المجمل، ما يجري في اللجنة الفرعية
يُعتبر تطوراً هاماً، لكنه يظل ناقصًا ما لم تترافق معه خطوات تنفيذية من الحكومة،
ومسؤولية وطنية في التعامل مع حقوق المودعين، الذين لا تزال أموالهم عالقة بين جدران
المصارف، وعالم السياسة.