تقارير خاصة

في قلب النار: قصف الضّاحية ما الرّمزيّة والدّلالة؟

 

 

إسلام جحا - خاصّ الفجر

منذ الـ23 من سبتمبر الماضي والضّاحية الجنوبيّة لبيروت ترزح تحت وابلٍ من نيران العدوّ الصّهيونيّ. عشرات الغارات يوميًا تقصف أهدافًا مدنيّةً شملت مبانٍ سكنيّةً ومحطات وقودٍ وأعمدة اتّصال، تشكّل بالنّسبة لجيش العدوّ تهديدًا يستدعي إصدار أوامر إخلاء لها. فلماذا تقصف الضّاحية؟ وما هي الرّمزية والدّلالة؟.

مَن يراقب المشهد اللّبنانيّ من كثب، يدرك أنه في ليلة وضحاها انقلبت الأمور رأسًا على عقب،. فبعد أن كانت الجبهة الجنوبيّة جبهة إسناد أصبحت مع مناطق عدّة في قلب النار، مع محاولات توغّل لجيش العدوّ باءت بالفشل حتى الآن، تليها خطط للاجتياح قد يؤدّي إلى حرب موسّعة تحوّل لبنان إلى بلد منكوبٍ بعد نجاح الكيان باغتيال قيادات المقاومة من الصّف الأول في 11 يومًا فقط.

هو الأسبوع الثالث الذي يغرّد فيه المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي عبر منصّة "إكس"، موردًا الأماكن التي ستُستهدف، حيث يقوم بتحذير سكانها بنصّه الشهير: "من أجل سلامتكم وسلامة أبناء عائلتكم عليكم إخلاء المباني المحددة..." ويرفق منشوراته بصور لأقمار اصطناعيّة للمباني المحدّدة". أمّا حجة العدوّ من قصف الضّاحية فهو وجود مصالح عسكرية وأسلحة تحت المباني.

في الحقيقة، الموساد اخترق بطريقة أو بأخرى المنظومة الأمنيّة لحزب الله، ولم يكن من قبيل الصّدفة أن يكون أهدافه انطلاقًا منها، إذ تعدّ الضّاحية الجنوبية معقلًا تاريخيًّا للحزب وبيئته الحاضنة، وخزّانه البشري الداعم على مدى عشرات السّنوات التي يعوّل عليها في السّياسة والعسكر.

ويريد العدوّ القضاء على حزب الله لفكّ الإسناد مع جبهة غزة، وضرب الحاضنة الشعبية له عبر خلق تأفّف وتذمّر ونقمة تخرج من قلب البيئة الشعبية للحزب. وهنا يسهل عليه القيام بمهمّته كاملةً، وهي القضاء القضاء على "حزب الله"، وتجفيف موارده وقطعها، وتدمير البنى التحتية كما يحلم منذ بدء الحرب.

 

فبعد حربٍ قاسيةٍ ودمار كبير عام 2006 انتهت بإعادة إعمار الضاحية الجنوبيّة في بداية عام 2009، ها هو الدّمار يلحق بها بصورة أكبر، حيث استخدم جيش العدوّ في ضربها مئات الأطنان من المتفجّرات التي تكفي لتدمير مدن بأكملها، عبر "طائرات أف 35" التي ألقت قنابل خارقة للتحصينات تزن كلّ واحدة منها طنًا، وتستطيع هذه القنبلة أن تتسبب في حفرة عمقها11 مترًا، ويمكنها استهداف وقتل الكائنات الحيّة في نطاق يزيد على 300 متر من نقطة سقوطها، وهو ما يفسر حجم الدّمار الذي خلفته بالأبنية في الضاحية الجنوبيّة، والدّمار الهائل الذي أحدثته في منطقة تعج بالأبنية السّكنية، متسبّبة في حفر ضخمة يصل قطرها إلى خمسة أمتار. فمَن سيُعيد بناء الضّاحية مجدّدًا؟

 

 


في قلب النار: قصف الضّاحية ما الرّمزيّة والدّلالة؟