تقارير خاصة

صحفيو غزة بين موت جوعاً أو قصفاً!

إعداد: أمل الزهران.

خاص: شبكة الفجر.

لا صوت يعلو فوق صوت الأمعاء الخاوية، ولا مشهد أقسى من مشهد الأطفال وهم يصرخون جوعاً، بينما الآباء يعجزون عن تأمين ما يسد جوعهم. سكان القطاع يعانون من التجويع الذي يتعمده الاحتلال الإسرائيلي عبر اغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات الإنسانية ووسط صمت دولي لا مبرر له.

في الوقت الذي يعيش فيه قطاع غزة حرباً وعدواناً صهيونياً، تجاوز 21 شهراً من الحصار والموت والدمار، تعصف بالقطاع مجاعة غير مسبوقة تهدد حياة أكثر من مليوني إنسان، بينهم فئة تحمل على عاتقها مهمة توثيق الحقيقة ونقل صوت من لا صوت لهم... إنهم الصحفيون، الذين باتوا اليوم ضحايا الجوع والقصف والخذلان.

وفي مشهد مؤلم يعكس حجم الكارثة، انتشرت مقاطع مصورة لسكان القطاع وهم يشربون الماء مع الملح، بعد أن عجزوا عن الحصول على رغيف خبز. لا طحين، لا خضار، لا فاكهة، ولا قدرة على الشراء مع الارتفاع الجنوني للأسعار وشُحّ المساعدات.

وفي مستشفى شهداء الأقصى، التقطت عدسات الجزيرة مشهدًا لعدد من الصحفيين الفلسطينيين وهم يكتفون بشرب الماء الممزوج بالملح، تضامناً مع أبناء شعبهم، وفي الوقت ذاته، كضرورة جسدية يائسة لإبقاء أجسادهم صامدة لبضع ساعات أخرى.

لكن وسط هذا المشهد المأساوي، وفي بيان استثنائي وغير مسبوق، حذرت وكالة الأنباء الفرنسية من أن صحافييها العاملين في قطاع غزة يواجهون خطر الموت جوعاً، وأعلنت أن موظفيها الـ 10 المتبقين هناك، بين مصورين ومراسلين وصحفيي فيديو، عاجزون عن مواصلة العمل بفعل الجوع والإرهاق والمرض.

أضاف البيان أن وكالة الصحافة الفرنسية، ومنذ تأسيسها عام 1944، لم تسجل من قبل وفاة أي من موظفيها جوعاً، رغم أنها فقدت العديد منهم في الحروب وأُصيب آخرون أو سُجنوا، مشيرة إلى أن ما يحدث في غزة "غير مسبوق".

قتل الاحتلال حتى الآن 228 صحفياً، وأصاب أكثر من 400 صحافي. إذ يعمل الصحفيون الفلسطينيون في غزة، في بيئة خالية من الحد الأدنى من مقومات العمل الصحفي متحدّين آلة القتل الصهيونية والخذلان الدولي.

في مشهد يختصر حجم المأساة التي تعيشها غزة، ويكشف كيف وصلت المجاعة إلى ذروتها، قرر الصحفي الفلسطيني بشير أبو شعر، وهو مصور ميداني، أن يعرض كاميرته مصدر رزقه وأداته الأساسية في العمل مقابل كيس طحين يسدّ به جوع أطفاله.

كتب بشير منشوراً مؤلماً عبر صفحته الشخصية قال فيه: "قرار.. نظراً للغلاء الفاحش في أسعار الدقيق، والاستغلال القذر لحاجات الناس، قررت استبدال كاميرتي كانون D80، بكيس دقيق. ما عاد فينا نتحمل. أطفالي يجوعون أمامي، وأنا عاجز عن إطعامهم."

إن ما يعيشه الصحفيون في غزة اليوم هو انتهاكاً صارخاً لكل القوانين الدولية التي تضمن الحماية للصحفيين في مناطق النزاع. إننا أمام مشهد إنساني مرعب... إن الصحفيين في غزة، الذين لطالما كانوا شهوداً على الألم، أصبحوا اليوم في قلب المأساة، يروون تفاصيل الجوع بينما أجسادهم تنحني من شدّته.


صحفيو غزة بين موت جوعاً أو قصفاً!