تقارير خاصة

سياسة الضغط بالنار: غارات واستهدافات تطال القرى الجنوبية!

أمل الزهران/ خاص الفجر

شهد جنوب لبنان، تصعيدًا ميدانيًا لافتًا، تمثّل بسلسلة غارات صهيونية استهدفت سيارات ودراجات نارية ومواقع عدّة، في خرق متجدد لاتفاق وقف الأعمال العدائية، وسط تحليق كثيف للطيران الحربي والاستطلاعي فوق عدد من المناطق الجنوبية.

ميدانيًا، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية استشهاد ثلاثة مواطنين على الأقل وإصابة آخر، جراء غارات متفرقة نفذتها مسيّرات تابعة للعدو. فقد استُهدفَت سيارة بين بلدتي صفد البطيخ وبرعشيت في قضاء بنت جبيل، ما أدى إلى استشهاد أحد المواطنين، كما طالت غارة أخرى سيارة في بلدة جويا قضاء صور. وفي بلدة ياطر، أدت غارة استهدفت دراجة نارية إلى استشهاد مواطن وإصابة آخر بجروح.

وفي سياق متصل، ألقت مسيّرة تابعة للعدو قنابل على حفّارتين في بلدة شبعا، ما أدى إلى تدميرهما بالكامل، بالتوازي مع قصف مدفعي طال أطراف بلدات حلتا وكفرشوبا ومحيط العرقوب، إضافة إلى إلقاء قنابل متفجرة على منزل في الأطراف الجنوبية لبلدة عيترون.

هذا التصعيد تزامن مع غارات وهمية نفذها الطيران الحربي التابع للعدو في أجواء النبطية وإقليم التفاح، وتحليق منخفض للطائرات فوق صور والزهراني، ما يعكس حالة ضغط ميداني ونفسي متواصل على القرى الجنوبية، رغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار منذ أواخر تشرين الثاني الماضي.

وفي موازاة التصعيد الميداني، برز بيان الجيش اللبناني كمحاولة أساسية لاحتواء التوتر ومنع انزلاق الوضع نحو مواجهة أوسع. فقد أعلن الجيش أنه، وفي إطار التنسيق القائم بين المؤسسة العسكرية ولجنة الإشراف على اتفاق وقف الأعمال العدائية وقوة "اليونيفيل"، أجرى تفتيشًا دقيقًا لأحد المباني في بلدة يانوح، بموافقة مالكه، وتبيّن بنتيجته عدم وجود أي أسلحة أو ذخائر داخله.

وأشاد الجيش بثقة الأهالي وتعاونهم، مثمنًا دور لجنة الإشراف وقوات "اليونيفيل" في إجراء الاتصالات اللازمة التي أسهمت في وقف تنفيذ التهديد، ومشددًا على أن صون الاستقرار في هذه المرحلة الدقيقة يتطلب تضامنًا وطنيًا واسعًا، والالتزام بالقرار الدولي 1701 وباتفاق وقف الأعمال العدائية، في ظل ظروف استثنائية تستدعي أعلى درجات الوعي والمسؤولية.

تحليلياً، يعكس المشهد الحالي تصعيداً صهيونياً مدروساً يقوم على سياسة "الضغط بالنار"، عبر الغارات المحدودة، والاستهدافات الموضعية، والإنذارات المسبقة، في مقابل مقاربة لبنانية رسمية ترتكز على المعالجة الميدانية السريعة، والتنسيق مع الآليات الدولية، وتفادي الانجرار إلى مواجهة شاملة. ويأتي ذلك في وقت تؤكد فيه القيادة العسكرية اللبنانية أنها أنجزت القسم الأكبر من مهمتها جنوب الليطاني، في إطار بسط سلطة الدولة وحصر السلاح.

ويطرح هذا التصعيد علامات استفهام كبرى حول مستقبل اتفاق وقف الأعمال العدائية، وقدرة المجتمع الدولي على إلزام العدو الإسرائيلي بوقف خروقاته المتكررة والمستمرة في انتهاك السيادة الوطنية.


سياسة الضغط بالنار: غارات واستهدافات تطال القرى الجنوبية!