إعداد: أمل الزهران.
خاص: شبكة الفجر.
في تطور جديد لقضية السفينة "مادلين"،
أعلن الاحتلال الإسرائيلي مساء الأربعاء ترحيل ستة نشطاء دوليين، بعد احتجاز دام أكثر
من 72 ساعة، إثر اعتراض السفينة في المياه الدولية أثناء محاولتها كسر الحصار المفروض
على قطاع غزة، ونقل مساعدات رمزية لأهالي القطاع.
ويأتي ترحيل النشطاء بعد تعرضهم لسوء
معاملة، وحبس انفرادي طال اثنين منهم، ورفضهم التوقيع على تعهدات بعدم العودة إلى الأراضي
المحتلة، وسط تأكيد منظمات حقوقية أن العملية تمّت خارج نطاق القانون الدولي.
كانت سفينة "مادلين" قد أبحرت
من صقلية الإيطالية يوم 6 يونيو الجاري، في مهمة إنسانية تهدف إلى نقل مساعدات رمزية
إلى قطاع غزة.
وفي الساعات الأولى من صباح الإثنين،
وعلى بعد نحو 185 كيلومتراً قبالة سواحل غزة، اعترضت البحرية التابعة للاحتلال الإسرائيلي
السفينة في المياه الدولية، وقامت بسحبها إلى ميناء أسدود بالقوة.
الاعتراض تخلله، بحسب شهود عيان ومنظمات
مرافقة، استخدام لطائرات مسيّرة لرش مواد مهيجة، وتشويش إلكتروني على أجهزة الاتصال،
وتحليق مكثف للطائرات فوق السفينة قبل الاقتحام.
على متن "مادلين" كان هناك
12 ناشطاً من جنسيات أوروبية وأميركية وآسيوية، من بينهم نائبة البرلمان الأوروبي ريما
حسن، والناشطة السويدية المعروفة غريتا تونبرغ.
الاحتلال الاسرائيلي قام باعتقالهم
فور وصول السفينة إلى أسدود، واحتجزت ثمانية منهم لرفضهم التوقيع على أوراق تقرّ بالتهم
الموجّهة لهم من قبل سلطات الاحتلال، حول محاولة دخول الأراضي المحتلة بطريقةٍ غير
شرعية.
تعرض النشطاء لظروف احتجاز قاسية، شملت
الحبس الانفرادي للنائبة ريما حسن، وذلك بعد كتابتها عبارة "الحرية لفلسطين"
على جدار الزنزانة، ما دفعها إلى بدء إضراب عن الطعام، انضمّت به إلى الناشط البرازيلي
تياغو أفيلا، الذي بدأ إضرابه منذ لحظة الاعتقال.
وقد أُحيل النشطاء إلى محكمة الهجرة
في الرملة، التي رفضت الطعون القانونية المقدّمة من محاميهم، وأبقت على احتجازهم حتى
صدور قرار بالترحيل مساء الأربعاء.
منظمة "عدالة" الحقوقية وصفت
اعتراض السفينة واحتجاز من عليها بـ "غير القانوني"، مؤكدة أن النشطاء لم
يدخلوا المياه الإقليمية التابعة للأراضي المحتلة، بل كانوا في طريقهم إلى المياه الإقليمية
لقطاع غزة عبر طريق دولي.
يُذكر أن سفينة "مادلين"
تُعد واحدة من سلسلة طويلة من السفن التي حاولت كسر الحصار عن غزة منذ عام 2008. وتأتي
في سياق "أسطول الحرية" الذي عرفته الساحة الدولية بعد حادثة سفينة
"مافي مرمرة" عام 2010، والتي قُتل فيها 10 نشطاء أتراك على يد القوات الاحتلال
الإسرائيلي في المياه الدولية، ما أدى إلى أزمة دبلوماسية كبرى في حينها.
سفينة
"مادلين" لم تصل إلى شواطئ غزة، لكنها وضعت الحصار مجدداً في صدارة الأخبار
العالمية ووصلت إلى ضمير العالم. رُحِّل النشطاء، لكن صوتهم ظل حيًّا، يذكّر بأن خلف
كل جدار حصار، هناك من يحاول أن يمر. وفي كل محاولة، تُكتب صفحة جديدة في التضمن الإنساني
لا يزال مستمراً.