امل الزهران
في انتهاك صارخٍ للسيادة اللبنانية، يواصل
العدو الإسرائيلي انتهاكاته، فلم يعد يكتفي بانتهاك السيادة اللبنانية براً وبحراً
وجواً. فيوم أمس، اقتحمت مجموعة من المستوطنين اليهود المتطرفين بالدخول إلى
الأراضي اللبنانية وتحديداً عند قبر الشيخ عباد على الحدود اللبنانية الجنوبية في
أطراف بلدة حولا، هذه الزيارة نظمتها قوات العدو الصهيوني.
وفي تفاصيل ما جرى، المستوطنون دخلوا إلى
حولا، مدعين أنهم يزورون قبر "الحاخام آشي"، بينما هذا القبر هو للولي
الشيخ العباد وفقًا للمتوارث عن أهل البلدات الجنوبية.
وبالعودة إلى الموقع الجغرافي وسبب النزاع
حوله، تلة الشيخ عباد تقع على الحدود اللبنانية الفلسطينية بين بلدة حولا
اللبنانية ومستوطنة مرغليوت الإسرائيلية، التي بُنيت على أنقاض قرية هونين
الفلسطينية المهجرة. تتمتع التلة بأهمية استراتيجية، إذ تطل على مساحات واسعة من
الأراضي اللبنانية وفلسطين المحتلة، ما جعلها نقطة استراتيجية مهمة.
القبر يقع بالقرب من الحدود مع فلسطين
المحتلة، وهو ما يجعل من موقعه محل نزاع. فعند ترسيم الحدود بعد التحرير عام 2000،
مر الخط الأزرق عبر وسط القبر، مما قسمه إلى جزئين، أحدهما تحت سيطرة لبنان والآخر
تحت الاحتلال الإسرائيلي. ومع مرور السنوات، قامت قوات الاحتلال بإنشاء سياج فوق
القسم المحتل من القبر، وبدأت بتنظيم رحلات للمستوطنين إليه عند الجانب المحتل.
ولكن
خلال العدوان الإسرائيلي الأخير، استولت قوات العدو على القبر بالكامل وأزالت
السياج الفاصل بين الجزئين. هذه كانت المرة الأولى التي يتمكن فيها المستوطنون من
زيارة القبر بشكل كامل.
هذه الخطوة تمثل انتهاكاً سافراً للسيادة
اللبنانية وتجاوزًا صارخًا للقوانين الدولية. فمحاولة العدو الإسرائيلي تلميع ما
قام متحججاً بأنه زيارة دينية تفضح نواياه في تغيير الحقائق على الأرض وتكريس
الواقع الاحتلالي. هذه التصرفات تعكس استخفافاً بالشرعية الدولية وحقوق لبنان في
حماية أراضيه ومقدساته.
العدو الإسرائيلي، يواصل في تصعيده، محاولاً
فرض وقائع جديدة على الأرض عبر زج مستوطنين متدينين متطرفين في قلب الأراضي
اللبنانية، في انتهاكٍ صارخ للقوانين الدولية وحقوق لبنان السيادية. هذه الزيارة
ليست مجرد حدث ديني، بل هي خطوة مدروسة من قبل الكيان الصهيوني للتلاعب بالتراث
التاريخي والديني في المنطقة، من أجل أن يثبت سيطرته على الأراضي اللبنانية عبر
سياسته القائمة على القهر والاستباحة.
وهذا التصعيد العسكري والديني في آن واحد
يهدد أمن وسيادة لبنان، في وقت يُنتظر فيه تحرك فاعل من المجتمع الدولي لوقف هذا
العبث الأمني.
إن موقف لبنان ثابت، وسيبقى صامدًا في وجه
هذه الاعتداءات ومتمسكاً في حقه في الدفاع والحفاظ على أرضه. إن تصاعد التوتر على
الحدود الجنوبية يطرح تساؤلات وسيناريوهات حول ما سيحدث فإما أن يكون هناك تحرك
جاد من قبل الأمم المتحدة لفرض القرارات الدولية أو أن يستمر العدو الإسرائيلي في
استفزازه السافر، متجاوزاً كل الخطوط الحمراء.