تقارير خاصة

خطة ترامب لغزة: وقف مؤقت للنار... وشرعنة دائمة للاحتلال!

إعداد: أمل الزهران.

خاص: شبكة الفجر.

من واشنطن، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وبحضور رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ما سُمي بـ"خطة ترامب لإنهاء الحرب في غزة". لكن خلف عبارات وقف إطلاق النار وتدفق المساعدات، تتخفّى بنود تمسّ جوهر القضية الفلسطينية، وتتعارض بشكل صارخ مع القانون الدولي، ومع حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.

البند الأكثر إثارة للقلق في خطة ترامب يتمثل في استبعاد أيّ وجود لكيان فلسطيني من أي دور في إدارة غزة خلال المرحلة الانتقالية. الخطة تقترح تشكيل لجنة تكنوقراط فلسطينية "غير سياسية" تُشرف عليها هيئة دولية تُدعى "مجلس السلام"، يترأسه ترامب شخصيًا، بمشاركة شخصيات أجنبية.

هذا الإقصاء يطرح تساؤلات خطيرة عن مشروعية أي إدارة لا تُعبّر عن الإرادة الشعبية الفلسطينية، ويُعيد إلى الأذهان مشاريع الوصاية الدولية التي طالما رُفضت لأنها تنتزع القرار من أهله.

بحسب القانون الدولي، فإن حق الشعوب في تقرير مصيرها هو حق غير قابل للتصرف، لا يمكن مصادرته أو منحه لطرف خارجي. أما تجاوز القوى السياسية الفلسطينية القائمة، فهو تفكيك للتمثيل الوطني لا إصلاح له، ويُعبّر عن رغبة في صناعة سلطة وظيفية خاضعة للإرادة الدولية، لا سلطة تعبّر عن تطلعات الفلسطينيين.

رغم العنوان الكبير "انسحاب تدريجي للاحتلال الإسرائيلي"، فإن الخطة تربط هذا الانسحاب بـ"نزع سلاح حماس" و"ضمان أمن غزة"، دون تحديد معايير واضحة، أو جداول زمنية. بهذا الشكل، يصبح الكيان الإسرائيلي هو الطرف الوحيد المخوّل بتحديد متى وأين وكيف تنسحب، إن انسحبت أصلًا.

الخطة لا تطرح إنهاءً للاحتلال بقدر ما تعيد صياغة وجوده بأدوات ناعمة. بل وتمنحه حق البقاء في محيط غزة، والتدخل في أي لحظة.

وبهذا، فإن ما يُقترح هو نقل قرار غزة من أيدي الفلسطينيين إلى منظومة دولية خاضعة للرؤية الأميركية والصهيونية، ما يعني عمليًا تقويض السيادة الفلسطينية بالكامل، وتحويل غزة إلى كيان وظيفي خاضع للمراقبة الدولية، لا إلى جزء من فلسطين.

هذه الوصاية المبطّنة لا تُنهي الاحتلال، بل تُعيد إنتاجه بغطاء قانوني دولي وشكل إداري مدني، بعيدًا عن أي التزام بإقامة دولة مستقلة، أو احترام حق العودة، أو رفع الحصار بشكل كامل.

خطة ترامب، بهذا الشكل، لا تنهي الاحتلال، بل تُشرعنه، وتُسلب الفلسطينيين حقهم، وتُحوّل غزة من ساحة مواجهة سياسية إلى ملف إنساني مشروط.

في ظل الكارثة الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة، حيث تجاوز عدد الشهداء 66 ألفًا، ومع وجود مجاعة حقيقية حسب تقارير أممية، فإن أي مبادرة لوقف إطلاق النار ورفع الحصار تُعد من حيث الشكل خطوة ضرورية. لكن خطة ترامب، بما تتضمنه من شروط سياسية وأمنية مجحفة، تُحوّل وقف العدوان إلى فرصة لإعادة هيكلة الاحتلال بطريقة قانونية ودولية، بدلًا من تفكيكه. إنها وصفة لتفكيك القضية، لا لحلها. مشروع يُوقف النار لكنه يُطفئ الحق.

 


خطة ترامب لغزة: وقف مؤقت للنار... وشرعنة دائمة للاحتلال!