إعداد: أمل الزهران.
خاص: شبكة الفجر.
في مسلسلٍ دمويٍّ لا ينتهي، تستمرّ
طرقات لبنان في حصد الأرواح يوماً بعد يوم. في خبر مأساوي، استيقظ أهالي بلدة برجا
على خبر وفاة شابين أخوين من أبناء البلدة في حادثٍ مؤلم على أوتوستراد الناعمة،
ليخيم الحزن على البلدة. ففي مشهدٍ بات مألوفاً ومُفجعاً في آنٍ واحد، حوادث السير
تتكرّر، في بلدٍ أنهكته الأزمات، باتت الطرقات مرآة يومية للموت...
كل صباح يحمل خبراً جديداً عن حادث
سير، كل مساء يُطوى على فاجعة جديدة، وكل بيت بات يملك قصة… أو ضحية.
من بيروت إلى البقاع، من الجنوب
إلى الشمال، لا فرق في الجغرافيا… ولا في الوجع.
حوادث السير في لبنان لم تعد استثناءً، بل تحصد
الأرواح بصمتٍ قاتل.
الإحصاءات الصادرة عن قوى الأمن
الداخلي وغرفة التحكم المروري تُظهر أن لا يوم يمرّ من دون سقوط قتيل أو أكثر،
بينما يتجاوز عدد الجرحى في كثير من الأحيان ضعف عدد الضحايا. واللافت أن الحوادث
ترتفع بشكل خاص في عطلات نهاية الأسبوع والمواسم السياحية، كما هو الحال مع بداية
الصيف الحالي.
الصور التي تلتقطها كاميرات
المراقبة ليست من أفلام الحركة… بل من شوارعنا.
شاحنات مسرعة تقتحم محال تجارية، سيارات تنقلب على
رؤوس أصحابها، ودراجات نارية تتحوّل إلى أدوات قتل.
فما الذي يجعل شوارعنا أكثر فتكاً
من الحروب؟ هل هي السرعة؟ الإهمال؟ غياب الرقابة؟ أم استهتار السائقين؟
أما عن الأسباب، فهي كثيرة
ومعروفة، لكنّها لا تزال بلا حلول حقيقية. أولها، السرعة الزائدة والقيادة المتهوّرة، خاصة
على الطريق السريع والطرق الجبلية.ثانياً، استخدام الهاتف أثناء القيادة، والذي تحوّل إلى ظاهرة شبه عامة
ومشهد عادية جداً.
ولا يمكن تجاهل حالة الطرقات
المتردية، من حفر ومطبّات وغياب الإنارة والإشارات، إضافة إلى ضعف الرقابة على
المركبات وغياب المعاينة الميكانيكية منذ أكثر من عام، ما يجعل مئات الآليات غير
الصالحة تتنقّل بحرية على الطرق.
الدراجات النارية أيضاً تشكّل
محوراً خطيراً في مشهد الحوادث. كثير منها غير مسجّل، ولا يلتزم سائقيها بالقوانين
الأساسية، من وضع الخوذة إلى التقيّد باتجاه السير.
وسط هذا الواقع المأسوي، الحلول
ليست مستحيلة، لكنها تتطلّب وتعاوناً جدّياً بين الجهات الرسمية والمدنية. من بين
أبرز ما يمكن فعله على المدى القصير:
- إعادة
تفعيل المعاينة الميكانيكية.
- تطبيق
قانون السير، لا سيما فيما يخصّ السرعة والكحول والهاتف المحمول.
- صيانة
الطرق وإنارتها وتحديد السرعات بوضوح.
- إطلاق
حملات توعية مستمرة، تشارك فيها المدارس ووسائل الإعلام والمجتمع المدني.
- إعادة
تشغيل الرادارات والكاميرات، وتكثيف وجود شرطة السير على الطرقات، خصوصاً في
العطل.
لا شك أنّ غياب الرقابة، وضعف
البنية التحتية، وانهيار المؤسسات كلها تُسهم في ازدياد عدد الحوادث. لكن السائق
أيضًا مسؤول، والتقصير الفردي لا يقلّ خطورة عن التقصير الرسمي. فمن دون الإجراءات، سيبقى
الموت متأهّبًا على كل منعطف… والحوادث عنوانًا دائمًا لنشرات الأخبار.