من قصر بعبدا، حيث عُقدت جلسة مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، برزت ثلاث ثوابت أساسية شكّلت خلاصة اليوم السياسي الطويل:حصر السلاح بيد الدولة، الإبقاء على الاستحقاق الانتخابي في موعده، وتحييد البلاد عن التصادم السياسي.
في مستهل الجلسة، عرض قائد الجيش العماد رودولف هيكل، التقرير الشهري الأول حول خطة حصر السلاح بيد الدولة، في سياق الالتزام بالقرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار. وقد نال التقرير إشادة الوزراء، حيث أقرّ المجلس الإبقاء على مضمون الخطة كما هو، مع الإبقاء على سرية المداولات، وطلب من قيادة الجيش الاستمرار في رفع تقارير شهرية حول التنفيذ.هذه الخطوة تُعد إشارة سياسية واضحة على دعم المؤسسة العسكرية، وسط أجواء إقليمية متوترة، وداخلية دقيقة.
الملف الأكثر حساسية في الجلسة كان ملف جمعية "رسالات". وبعد نقاش، قرر مجلس الوزراء تعليق عمل الجمعية دون حلّها نهائياً، بانتظار استكمال التحقيقات القضائية والإدارية.
وفي موقف لافت، نفى رئيسا الجمهورية والحكومة وجود أي نية لتأجيل الانتخابات النيابية، مؤكدين على ضرورة إجرائها في موعدها، ومشددين على أن القانون الانتخابي المناسب يعود اختياره لمجلس النواب، في حين يقع على عاتق الحكومة تأمين الإجراء التقني واللوجستي لهذا الاستحقاق.
رسالة واضحة، بأن الاستحقاق الديمقراطي محفوظ، رغم كل الظروف. فقدأعادت الجلسة التأكيد على فصل السلطات، وتثبيت موقف السلطة التنفيذية بعدم التدخل فيما يعود للمجلس النيابي.
سياسياً، طغت ملفات الدعم الدولي والديبلوماسية اللبنانية على مداخلات الرئيس عون، الذيأشار إلى أن زيارته إلى نيويورك كانت ناجحة وفتحت آفاقًا جديدة لدور لبنان في المجتمع الدولي. مؤكدًا أن اللقاءات التي عقدها مع مسؤولين دوليين، وعلى رأسهم وزير الخارجية الأميركيماركو روبيو، عززت موقع لبنان الدبلوماسي.
فيما أعلن وزير الإعلام أن الولايات المتحدة قررت تقديم مساعدة جديدة بقيمة 190 مليون دولار للجيش اللبناني، و40 مليون دولار لقوى الأمن الداخلي، وهي أرقام وُصفت بأنها الأكبر في تاريخ التعاون الأمني اللبناني–الأميركي، ما يعكس بحسب ما أشار إليه الوزير مرقص "ثقة واشنطن بالمؤسسة العسكرية وقدرتها على تنفيذ المهام الموكلة إليها".
ولم تغب الملفات الحياتية عن طاولة الجلسة، إذ طلب رئيس الجمهورية من وزارة الأشغال الاستعداد الكامل للشتوة الأولى، لتجنّب الكوارث المتكررة، ودعا وزارة السياحة لبدء التحضير المبكر لموسم الأعياد بهدف دعم القطاع السياحي وإنجاح الموسم المقبل.
جلسة مجلس الوزراء أكدت توجهًا واضحًا نحو تثبيت الاستقرار عبر حصر السلاح بيد الدولة، وضمان إجراء الانتخابات في موعدها، مع تجنب التصادم السياسي. دعم الجيش والمساعدة الدولية يعززان هذا المسار الأمني. قرار تعليق جمعية "رسالات" يعكس حرصًا على ضبط الملف بدون تصعيد. تأكيد الالتزام بالاستحقاق الانتخابي يعزز شرعية الدولة ويفصل بين السلطات. هذه المعادلة تمثل خيارًا واقعيًا يوازن بين التحديات السياسية والأمنية، ويعمل على حماية الاستقرار الوطني في ظل الظروف المعقدة.
امل الزهران
إذاعة الفجر