إعداد : لينا عبد الله
خاص: شبكة الفجر
رغم كل ما يكابده الشعب
الفلسطيني على ارضه في قطاع غزة و الضفة الغربية المحتلة يشكل عامل ضغط ورعب
كبيرين على حكومة الكيان الغاصب، في ظل مخاوف عميقة، من اشكال مقاومته وعملياته
التي تكبد الاحتلال رعبا وخسائر فادحة وان كانت تخضع للرقابة العسكرية دخل الكيان
الغاصب، التي تمنع نشر اي معطيات حول هذه الخسائر، وتدفع السلطات الصهيونية لتعزيز
جهودها في اقامة حواجز الفصل والجدران الحديدية لحماية نفسها.
منذ هجوم "طوفان
الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، الذي حطم نظرية "الجدار
الحديدي"، زاد الاحتلال الإسرائيلي من إقامة مناطق عازلة جديدة مع الأردن،
ومصر، وسوريا، ولبنان، وداخل الضفة الغربية وقطاع غزة، بادعاءات أمنية، لكنها تأتي
ضمن "عقيدة الجدران الإسرائيلية" المتجذرة في الفكر الصهيوني.
وأظهرت صور الأقمار الصناعية،
أن الاحتلال شرع بالتحرك فعلياً في إنشاء المناطق العازلة و"الجدران".
فعلى الحدود مع سوريا، ولبنان، ومصر بدأ بحفر الخنادق، في الوقت الذي تتزايد فيه
مخاوفه من عمليات التسلل عبر الأردن، وسط تصاعد الدعوات اليمينية لاستكمال الجدار
على طول الحدود الشرقية، ما يكرس واقع "دولة الجدران".
وتوظّف إسرائيل
"الجدران" والمناطق العازلة لتحقيق سياساتها؛ فمنذ نشأتها أقامت حواجز
متفاوتة البنية والفعالية، وكانت هذه السياسة عنصراً ثابتاً في العقيدة الأمنية
الإسرائيلية، ومتجذرة في الفكرة الصهيونية منذ بدايتها.
وتعود فكرة بناء
"الجدار" في فلسطين إلى عام 1923، عندما نشر زئيف جابوتنسكي ، أحد أكثر
القادة الصهاينة نفوذاً، والأب الأيديولوجي لحزب الليكود مقالين: "الجدار الحديدي:
إسرائيل والعالم العربي" و"أخلاقيات الجدار الحديدي"، وانطلقت
رؤيته على ضرورة تنفيذ المشروع الصهيوني خلف جدار من حديد يعجز السكان العرب
المحليون عن هدمه.
وخلافًا للخطاب السائد، فإن
جابوتنسكي يقرّ في مقالاته بأن الصهيونية مشروع استعماري، وأنّ الفلسطينيين سكان
البلد الأصليون، وأنهم سيستمرون في مقاومة هذا المشروع ولن يقبلوه.
وبناءً على ذلك، تقوم كل فكرة
الجدار الحديدي على القوة والمناعة العسكريتين، وقتل الأمل لدى العرب والفلسطينيين
في قدرتهم على إلحاق الهزيمة بالمشروع الصهيوني في فلسطين.
وتجّلت "عقيدة
الجدران" منذ بدء احتلال فلسطين عام 1948، فعلى سبيل المثال جمع المحتلون من
تبقى من سكان مدينة يافا بعد احتلالها بمعسكر في حي العجمي، وأحاطوه بسياج من
الأسلاك الشائكة، ومنعوا السكان من التحرك خارج بواباته إلا بعد الحصول على إذن
خاص من الحاكم العسكري.
ومنذ عام 2002، شرع الاحتلال
الإسرائيلي بتحويل الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى مناطق تحيطها "حواجز
الفصل"، وإحاطة نفسه بجدران وأسوار محصنة على كل خط حدودي.
حيث أقام الاحتلال ستة جدران،
ورغم أنه استخدم "الأمن" كمبرر له، إلا أنه قضم الأراضي الفلسطينية،
وعزل السكان الفلسطينيين عن محيطهم.
كان رئيس الوزراء الإسرائيلي
إسحاق رابين، أول من أثار فكرة جدار فاصل مع الفلسطينيين بالضفة الغربية عام 1995،
من خلال إقامة جدار ملتوي يقع فيه شرقي القدس وبعض مناطق الضفة داخله.
وفي العام 2002، صادقت
الحكومة الإسرائيلية على بناء جدار بطول 710 كيلومترات، يمر 85% منه في عمق الضفة
الغربية، والباقي على الخط الأخضر (حدود عام 1967)، بما يؤدي إلى ضم 9.4% من مساحة
الضفة بما فيها شرقي القدس، وأنجز منه 65% حتى نهاية عام 2022.
واللافت أن مسار الجدار، الذي
أقامه الاحتلال الإسرائيلي، يتتبع مواقع المستوطنات الإسرائيلية، الأمر الذي مهد
للضم الفعلي لها لدولة الاحتلال.
فيما يُقدر طول الجدار الشرقي
الممتد من الشمال إلى الجنوب، بحوالي 200 كيلومتر، وسيطرت إسرائيل عبره على منطقة
الأغوار التي تُعتبر سلة غذاء للفلسطينيين.
خلاصة القول، يشير واقع
تحركات السلطات الصهيونية داخل قطاع غزة و الضفة الغربية، الى عميق حالة الفزع
التي يعيشها هذا الكيان، الذي يحاول حماية نفسه خلف هذه الجدران الحديدية، الامر
الذي يبرز بشكل واضح حجم ووقع المقاومة الفلسطينية عليه، و انها تحقق اهدافا لا
يمكن الاستهانة بها، وانها استطاعت ان تكسر عنجهية جيش لطالما تغنى بانه لا يقهر.