أمل الزهران/ خاص الفجر
شهد مجلس النواب اللبناني جلسة تشريعية
وُصفت بالحسّاسة والمفصلية، ليس فقط بسبب القوانين المدرجة على جدول أعمالها، بل بفعل
الأجواء السياسية المشحونة التي سبقتها ورافقتها وتلتها، في ظل انقسام حاد حول قانون
الانتخابات وحقوق المغتربين.
وعشية الجلسة، تصدّر ملف الانتخابات
النيابية واجهة المشهد السياسي، بعدما أثار عدم إدراج مشاريع تعديل قانون الانتخاب
على جدول الأعمال توتّرًا نيابيًا واسعًا. وفيما أعلنت كتل "الجمهورية القوية"
و"الكتائب" و"تجدّد" و"تحالف التغيير" مقاطعة الجلسة
اعتراضًا على ذلك. حيث رأت الكتل المقاطِعة أن تغييب هذا البند يشكّل خيارًا سياسيًا
مقصودًا، ويهدد بإعادة إنتاج الأزمة وتأجيل الاستحقاق الانتخابي.
في المقابل، نجح الرئيس بري في تأمين
النصاب بعد إعلان كتل "الاعتدال الوطني" و"اللقاء الديمقراطي"
و"التوافق الوطني" المشاركة، معتبرة أن تعطيل المجلس يحمّل البلاد أثمانًا
إضافية، ولا سيما في ظل القوانين المالية والمعيشية المطروحة.
عند الحادية عشرة والربع، افتُتحت الجلسة
بعد اكتمال النصاب بحضور 67 نائباً، وخلال أقل من ساعتين، أقرّ المجلس حزمة من القوانين
أبرزها:
اتفاقية قرض مع البنك الدولي بقيمة
250 مليون دولار لإعادة ترميم البنى التحتية المتضررة في الجنوب جراء الحرب، ثلاثة
مشاريع قوانين إضافية مع البنك الدولي، شملت تعزيز إمدادات المياه في بيروت، وتنفيذ
مشروع الإدارة المالية، والمساعدة الطارئة للبنان.
بالإضافة إلى إقرار قانون تنظيم القضاء
العدلي، والتي وُصفت بأنها حظيت بإجماع داخل لجنة الإدارة والعدل، وتعديل قانون تمويل
الإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة.
لكن الجلسة لم تخلُ من سجالات حادة،
أبرزها اعتراض رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل على قانون إعادة
الإعمار، معتبرًا أن الدولة "تقترض من دون خطة".
في المقابل، دافع وزير المال ياسين
جابر وعدد من النواب عن القروض، مؤكدين أن إعادة إعمار البنى التحتية أولوية وطنية،
مع مطالبة الحكومة بخطة واضحة وشاملة.
بعد رفع الجلسة ، أعلن نائب رئيس مجلس
النواب إلياس بو صعب أن "القوانين التي أُقرت عند إقفال المحضر أصبحت نافذة"،
مؤكدًا أن رئيس الجمهورية "حريص على عدم تعطيل أي مؤسسة دستورية". لكنه لفت
في الوقت نفسه إلى أن غياب كتلة بحجم "الجمهورية القوية" يشكّل "دليل
نقص". بو صعب جدّد موقفه المؤيد لحق المغتربين بالاقتراع لـ128 نائباً، محذراً
من أن إعادة فتح مهل تسجيلهم ستفرض حتماً "تمديدًا تقنيًا" لمجلس النواب.
جلسة تشريعية انعقدت تحت الضغط، أَقرّت
خلالها قوانين مالية وقضائية وُصفت بالملحّة، لكنها أظهرت في الوقت نفسه الانقسام السياسي
حول قانون الانتخابات وحقوق المغتربين. وبين تشريع الضرورة ومعركة الاستحقاق الانتخابي،
يبقى السؤال مفتوحًا: هل تكون هذه الجلسة محطة عابرة، أم بداية مواجهة سياسية أكبر
عنوانها الانتخابات المقبلة ومواعيدها الدستورية؟