تقارير خاصة

الوضع الأمني في لبنان والجنوب قبيل عيد الاستقلال!

أمل الزهران/ خاص الفجر

مع اقتراب الذكرى الثانية والثمانين لاستقلال لبنان، يدخل البلد مرحلة شديدة الحساسية يطغى عليها الهاجس الأمني، وخصوصاً في الجنوب، حيث يتقاطع المشهد الميداني مع المواقف السياسية الرسمية في لحظة تُوصف بأنها من أدقّ ما يواجهه لبنان منذ سنوات.

في بيروت، تتزامن الاحتفالات الرمزية التي تنظّمها المؤسسات الرسمية مع رسائل عالية النبرة تؤكد أن الاستقلال هذا العام ليس مناسبة بروتوكولية بقدر ما هو اختبار لصلابة الدولة وقدرتها على حماية سيادتها. وقد شددت وزيرة التربية ريما كرامي خلال احتفال في الوزارة على أن الاستقلال الحقيقي يبدأ من دولة قوية تُحترم قوانينها، معتبرة أنّ التربية هي خط الدفاع الأول عن الوطن، والمواطنة أساس تعزيز الاستقرار الداخلي. وربطت كرامي بين بناء المدرسة الوطنية وترسيخ قيم الانتماء والعدالة، في إشارة إلى أن الأمن لا ينفصل عن إصلاح المؤسسات.

أمّا في المشهد السياسي، فالمواقف تتجه إلى تشخيص واضح للأزمة الأمنية. رئيس مجلس النواب نبيه برّي اعتبر أنّ اللبنانيين جميعاً أمام "اختبار مصيري لمدى استحقاقهم الاستقلال"، مشيراً إلى أن الجنوب هو المسرح الحقيقي لهذا الامتحان، حيث يواجه المواطنون "العدوان الصهيوني المتواصل" ويقدّمون تضحيات يومية. الرئيس برّي دعا إلى دعم الجيش ومنع استهدافه، مؤكداً أن المؤسسة العسكرية تبقى الضامن الأول لوحدة البلاد واستقرارها.

وفي موازاة هذه الرسائل، برز موقف لافت لرئيس الحكومة نواف سلام، الذي أكد في تصريحات لـ"بلومبرغ" استعداد لبنان للانخراط في أي مفاوضات تهدف إلى ترسيم الحدود البرية ومعالجة النقاط العالقة، مشدداً على أنّ خطة الدولة لنزع السلاح جنوب الليطاني "تسير في الاتجاه الصحيح"، وأن الجيش يوسّع انتشاره في المناطق الحدودية. الرئيس سلام أشار أيضاً إلى أن الحكومة تعمل مع شركاء دوليين على دعم إعادة الإعمار، محذراً من أن غياب الأمن سيُفوّت على لبنان فرصة النهوض.

ويتوجه رئيس الجمهورية في رسالة في ذكرى الاستقلال مساء اليوم، يُتوقَّع أن يركز فيها على الوضع الأمني في الجنوب وجهود الدولة لحماية السيادة. ويأتي ظهوره في هذا التوقيت ليؤكد دور الرئاسة في تعزيز استقلال الدولة والحفاظ على السيادة.

وعلى وقع الاعتداءات الصهيونية المتكررة على القرى الجنوبية، تبدو التحركات الدبلوماسية محاولة لتخفيف التوتر ومنع انزلاق البلاد إلى مواجهة واسعة. هذا الحراك يأتي فيما يتواصل الضغط الخارجي على الدولة اللبنانية لحصر السلاح بيد الدولة وتسريع الإصلاحات.

وهكذا، تستقبل البلاد ذكرى الاستقلال وسط تقاطُع أمن ميداني وسياسي: جنوب يعيش تحت وطأة الخروق المستمرة، وحكومة ترى في التفاوض والانتشار العسكري المنظّم مدخلاً إلى تثبيت الاستقرار. وبين الاحتفال والقلق، يقف اللبنانيون أمام سؤال واحد: هل ينجحون هذا العام في صون استقلالهم حيث يُختبر فعلاً… على الحدود؟


الوضع الأمني في لبنان والجنوب قبيل عيد الاستقلال!