إسلام جحا – خاص الفجر
تحت عنوان "سجيل، فاتح، خيبر شكن"، تصاعد
الجدل في الأوساط الأمنية والعسكرية لدى الاحتلال الإسرائيلي عقب الهجوم الصاروخي الإيراني
الأخير، الذي استخدمت فيه طهران أنواعًا متطورة من الصواريخ بعيدة ومتوسطة المدى، بعضها
مصنف كفرط صوتي، في خطوة اعتبرها مراقبون تصعيدًا تكنولوجيًا حاسمًا في معادلة الردع
الإقليمي.
اختراقٌ تقني في مواجهة دروع متقدّمة
في قلب الهجوم، برز صاروخ "سجيل"،
وهو صاروخ باليستي يعمل بالوقود الصلب ويصل مداه إلى 2500 كيلومترًا. وعلى الرغم من
إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي اعتراضه عبر منظومة "آرو 3"، فإن الشظايا
التي تناثرت قرب مستشفى سوروكا في بئر السبع أعادت طرح الأسئلة حول قدرته على حمل رؤوس
عنقودية أو تفكّك ذاتي. الحرس الثوري الإيراني أكّد أن الصاروخ "يُصيب أهدافه
بدقة رغم منظومات الاعتراض".
الوقود الصلب في صاروخ "سجيل"
يفتح تحديًا كبيرًا للرادارات لدى الاحتلال الإسرائيلي، إذ يصعب رصد توقيت الإطلاق
بدقة، ما يجعل التعامل معه أكثر تعقيدًا، بحسب معهد الأمن القومي لااحتلال.
"فاتح-1" وفرط الصوتيّة:
مناورة نفسية أم خطر حقيقي؟
الجدل لا يتوقف عند "سجيل"،
إذ زعمت طهران أيضًا استخدام نسخة من صاروخها الفرط صوتي "فاتح-1"، الذي
تقول إنه يبلغ سرعة تتجاوز Mach 13. ورغم إعلان تل أبيب اعتراضه، دار نقاش واسع حول ما إذا كان الصاروخ
يمتلك بالفعل قدرة مناورات جوية حقيقية، أم أن الإعلان الإيراني يأتي في إطار الحرب
النفسية؟. في المقابل، وصفت القيادة العسكرية التابعة للاحتلال هذا التهديد بأنه
"مستقبلي"، لكنه يتطلب تطوير خوارزميات اعتراض جديدة.
"خيبر شكن": مناورة داخل
الهدف؟
أما صاروخ "خيبر شكن"، متوسط
المدى (1450 كلم)، فقد أعيد استخدامه في هذا الهجوم بعد ظهوره في هجمات عام 2024. وتقول
طهران إن بإمكانه تغيير مساره في اللحظات الأخيرة لتفادي الدفاعات، وهو ما أثار شكوكًا
لدى مراكز لدى الاحتلال، رغم اعترافها بإمكانية ضعف فاعلية أنظمة Arrow وDavid’s Sling إذا تطورت هذه القدرة.
"فتاح 2": نقلة نوعيّة في
التسليح الإيراني
وفي تطوّر أخطر، أعلنت إيران عن استخدام
صاروخ "فتاح 2"، الذي كشفت عنه مؤخرًا، ويتمتع بقدرة تفوق سرعة الصوت بـ15
ضعفًا، ويصل مداه إلى آلاف الكيلومترات، ما يتيح له الوصول إلى العمق المحتل خلال أقل
من خمس دقائق. يتميز هذا الصاروخ بمناورة ديناميكية داخل وخارج الغلاف الجوي، ويُعدّ
اختراقًا محوريًا في قدرات الردع الإيرانية.
اللافت أن إيران زعمت أن "فتاح
2" نجح في تدمير منظومتي "آرو 2" و"آرو 3" خلال الهجوم، ما
يشكّل تهديدًا مباشرًا لمنظومات ما يسمى بالدفاعات الإسرائيلية التي لطالما وصفت بـ"المظلة
الحصينة".
كلفة باهظة لاعتراض مشكوك في نجاحه
بحسب تقارير عبرية، بلغت تكلفة اعتراض
الصواريخ الباليستية خلال الأسبوع الأول من التصعيد نحو 1.5 مليار دولار. وبلغ سعر
كل صاروخ اعتراض "آرو 3" نحو 2.5 مليون دولار، بينما تصل تكلفة صواريخ
"ثاد" الأميركية إلى 15 مليون دولار للواحدة.
ومع تصاعد الهجمات وتكرار استخدام إيران
لصواريخ متطوّرة، يرى خبراء اقتصاد أن الاحتلال يقترب من "نقطة الخطر الاقتصادي"،
مع ارتفاع الإنفاق الدفاعي اليومي إلى نحو 490 مليون دولار، وتجاوز الأضرار في الجبهة
الداخلية وحدها 571 مليون دولار.
رسائل ردع متبادلة وخسائر متراكمة
تتجاوز هذه الهجمات البعد العسكري إلى
أبعاد اقتصادية وسياسية، حيث أكّدت صحيفة Le Monde أن طهران أطلقت هذه الصواريخ "كإشارة على دخول
مرحلة جديدة من الردع الإقليمي". بينما صرّح وزير الدفاع الإسرائيلي بأن
"الصواريخ الإيرانية لم تعد بدائية"، واعترف متحدث باسم الجيش بأنهم بصدد
تطوير أنظمة اعتراض جديدة تتناسب مع تهديدات المسارات غير الثابتة.
في المقابل، ترى دوائر غربية أن ما
كشفته إيران في هذه الجولة يعكس سنوات من الاستثمار في تطوير تكنولوجيا الصواريخ، رغم
العقوبات والعزلة الدولية، مما يمنحها موقعًا متقدمًا في خارطة القوى الإقليمية.
ورغم أن تل أبيب أعلنت نجاحها في اعتراض
العديد من الصواريخ، فإن ما كشفته الجولة الأخيرة من التصعيد يكشف عن تحوّل نوعي في
ميزان القوى الصاروخية. ومع دخول "فتاح 2" و"سجيل" و"خيبر
شكن" إلى ساحة المواجهة، يبدو أن الشرق الأوسط يقف على أعتاب سباق تسلّح تقني
جديد، حيث لا يقتصر التحدي على الردع، بل يمتد إلى القدرة على المواكبة… والتحمّل.