خاص/
شبكة الفجر
"هنا
لندن" العبارة الشهيرة التي تعّود العرب على استماعها على مدار 84 عاماً،
سيفتقدونها اليوم وستبقى ذكرى محفورة في آذانهم، بعد أن أعلنت الهيئة البريطانية وقف
البث الإذاعي بلغات عدة بينها العربية.
ففي
ظل الأزمة الاقتصادية التي يعيشها العالم بأسره، قررت شبكة "بـي بي سي bbc” البريطانية إغلاق إذاعتها العربية بعد ٨٤ عاما
من انطلاقها.
وأعلنت الهيئة في بيان لها أنه سيتم إلغاء 382 وظيفة
بموجب المخطط المدروس، وإغلاق راديو "بـي بي سي عربي” وراديو "بي بي سي الفارسي”.
وقالت إن التضخم المرتفع والتكاليف المرتفعة وتسوية
رسوم الترخيص النقدية الثابتة أدت إلى خيارات صعبة عبر هيئة الإذاعة البريطانية.
وأضافت
أن خدمات "بـي بي سي” الدولية بحاجة إلى توفير 28.5 مليون جنيه إسترليني كجزء من المدخرات
السنوية الأوسع البالغة 500 مليون جنيه إسترليني كجزء من محاولتها لجعل الشركة رائدة
رقمية”.
وتعد
"بي بي سي العربية” أكبر وأقدم خدمة إعلامية تطلقها الشبكة بلغة غير الإنجليزية، وقد
واصلت تطورها منذ انطلاقها في 3 يناير 1938، حتى صارت في مقدمة المحطات الإعلامية بالعالم.
تأثير
الإعلام الرقمي على الإعلام التقليدي
الصحافي
في جريدة "الأنباء" الالكترونية فوزي بو دياب يقول إنّ "خبر توقف محطة
إذاعة "بي بي سي" عربية وغيرها من اللغات كان محزنا جداً على متابعيها، وأنا منهم"،
ويوضح في حديث خاص لـ"شبكة الفجر" إنّ "بي بي سي" قد تكون من الإذعات
الوحيدة التي تنفرد ببعض البرامج الثقافية الغنية إضافة إلى تاريخها العريق في خدمة
الإعلام والذي شكّل لها مخزوناً كبيراً من التراث الفني الإبداعي وخاصة العربي، معتبراً
أن غيابها يشكل وقع صاعق على متابعيها.
ويلفت
بودياب إلى أنّ هناك مسائل أخرى غير الموضوع المادي قد تكون سبباً في هذا القرار، ومنها
التحولات في مجرى التطور التكنولوجي لمفهوم الإذاعة التقليدية إلى الإذاعة الرقمية،
وهو ما يضع الإذاعات ومنها هيئة الإذاعة البريطانية أمام تحدي البقاء، لناحية المنافسة،
وسهولة انتقال الخبر وسرعة وصوله إلى الجمهور.
وفي
الوقت نفسه، يشير بو دياب إلى أنّ التكنولوجيا تُكمّل بعضها ولا تُلغي بعضها، معتقداً
أنّ محطة الـ"بي بي سي" لو غابت اليوم فإنّها ستعود بحُلّة جديدة، وأعطت
مؤشراً إلى ضرورة إعادة النظر في طريقة استخدام التكنولوجيا للتماشى وتطورات الأجيال.
بو
دياب يلفت أيضاً إلى أنّ بعض وسائل الإعلام في لبنان اتجهت إلى الدمج بين التقليدي
والرقمي، مؤكداً على أنّ التكنولوجيا ستفرض نفسها على وسائل الإعلام التقليدية كما
فعلت مع القطاعات الأخرى، ويرى أنّ الوسيلة الإعلامية ستصبح في المستقبل القريب سحابة
الكترونية متنوعة نشاهد من خلالها البرنامج مرئياً وعبر وسائل التواصل.
مؤكداً
على أنّ المنظومة التقليدية لن تنتهي ولكن نحن في طور تشكل جديد للإعلام الرقمي لم
تنته بعد عناصره.
في
سياق متصل، يعتبر مراسل قناة الجزيرة من بيروت الصحافي إيهاب العقدة في حديث
لـ"شبكة الفجر" أن قرار الهيئة البريطانية مؤسف، ويرتبط كما تقول بي بي سي
بالوضع المالي.
ويشير
العقدة إلى أنّ الإذاعات تشكّل على الرغم من تراجعها وسيلة أساسية للحصول على المعلومات،
ويقول "على سبيل المثال في أفغانستان بي بي سي لديها مستمعين كثر، بسبب الوضع
الاقتصادي للمواطنين والتضاريس الجغرافية"، مضيفاً أنّ أعداد المستمعين في عالمنا
العربي تراجعت بسبب حلول وسائط جديدة.
ويسأل
العقدة "هل يعني قرار بي بي سي أفول عصر إذاعتها؟ ثم قال "بالشق التقني التقليدي
نعم والبودكاست هو البديل، والذي يحتاج إلى مهارات وتطوير في المحتوى التقليدي.
وقد
تأسست هيئة الإذاعة البريطانية عام 1922 تحت اسم شركة الإذاعة البريطانية وبدأت البث
كشركة راديو خاصة.
"إذاعة
الفجر" تتجه إلى التحول التدريجي
وفي
لبنان، حذت "إذاعة الفجر" في لبنان حذو الهيئة البريطانية، ولكن بطريقة
مختلفة، وارتأت أن تحوّل بعضاً من برامجها وأخبارها إلى شبكة إخبارية، مواكبة
للتحول الرقمي الحاصل، وحول الموضوع يقول المدير العام للإذاعة الدكتور وائل نجم
في حديث للشبكة، "بدأت إذاعة الفجر بالتحوّل التدريجي من البث الإذاعي إلى
العمل الرقمي مواكبة للمستجدات والتطورات التقنية والحيثيات المتصلة بعالم
الإعلام"، مشيرا إلى أنّ الإعلام الرقمي اليوم يستأثر باهتمام القطاعات
الشابية بشكل أساس، ولا بد من التوجه لهذه القطاعات التي تمثل المستقبل والمراحل
المقبلة.
ويلفت
نجم إلى أنّ البث الإذاعي صار مكلفاً لناحية التقنيات، وأجهزة الإرسال وتوفير
الكهرباء والمعدات التقنية، وهو ما دفعها إلى التوجه نحو تفعيل الإعلام الرقمي
والتخفيف من العمل الإذاعي دون الوصول إلى إلغائه أو توقيفه بشكل كامل.