إسلام جحا - خاصّ الفجر
لبنان يستعدّ لإجراء الانتخابات البلدية على أربع مراحل، بدءًا من 4 مايو وانتهاءً
في 25 من الشهر نفسه، الذي يتزامن مع ذكرى "عيد التحرير" عام 2000. يأتي
هذا التوقيت تلبيةً لرغبة "الثنائي الشيعي" ("حركة أمل" و"حزب
الله")، الذي يصرّ على إجراء الانتخابات في موعدها، سعيًا لتجديد شرعيته الشعبية
وإثبات وحدة قيادته داخليًا وخارجيًا، خاصة في ظل الرهانات على وجود خلافات بينهما
بعد حرب "حزب الله" الأخيرة مع الكيان.
وزير الداخلية، أحمد الحجار، حدد موعد
الانتخابات، ويبدو أن هناك لا مجال لتأجيلها إلا إذا اتفقت القوى السياسية على ترحيلها
إلى سبتمبر. في الوقت نفسه، لم تبدأ معظم الأحزاب في تشغيل ماكيناتها الانتخابية، بانتظار
التأكد من جدية الوزارة في إتمامها، حيث بدأت بالفعل التحضيرات الإدارية واللوجيستية،
بما في ذلك التنسيق مع محافظتي الجنوب والنبطية لتسهيل الاقتراع في البلدات الحدودية
المتضررة من الحرب.
وفي البلدات الحدودية، يولي "الثنائي
الشيعي" أهمية خاصة لمشاركة سكان تلك البلدات المدمّرة في الانتخابات، ويقترح
توفير مساكن جاهزة أو خيام كمراكز اقتراع إذا لم تتوافر مبانٍ صالحة. كما يطرح إمكانية
نقل مراكز الاقتراع إلى بلدات مجاورة. ويعوّل "الثنائي" على إقبال كثيف للناخبين
الجنوبيين، ليؤكد تمسكهم بأرضهم ودعمهم لتحالفه، مع استبعاده حدوث منافسة تُذكر، ما
يتيح له السيطرة على المجالس البلدية هناك.
وتشكّل الانتخابات البلدية تحديًا للقوى
السياسية في بيروت، إذ يجب الحفاظ على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في مجلسها
البلدي رغم الغالبية المسلمة. أي إخلال بهذا التوازن قد يعيد فتح النقاش حول تقسيم
العاصمة إلى مجلسين بلديين أو حتى الطرح الفيدرالي. ويلعب "تيار المستقبل"،
برئاسة سعد الحريري، دورًا أساسيًا في تأمين هذه المناصفة، وهو مستعد للتدخل لضمان
عدم المساس بها. كما أن المرجعيات السياسية والروحية المختلفة قد تتعاون لضمان تشكيل
لائحة متوازنة تمنع أي فريق من إحداث خلل في النسيج البيروتي.
وفي حين يُتوقع توافق في صيدا وطرابلس
لتجنب المعارك الانتخابية، فإن المشهد في المناطق المسيحية يبدو مختلفًا، حيث قد تتحول
المنافسة البلدية إلى معركة حاسمة بين "التيار الوطني الحر" وخصومه، لا سيما
"القوات اللبنانية" و"الكتائب"، إضافةً إلى الشخصيات التي خرجت
من "التيار". هذه المواجهة ستكون بمثابة اختبار لميزان القوى قبل الانتخابات
النيابية المقررة عام 2026.
وتسعى الأحزاب إلى استغلال الانتخابات
البلدية لقياس حجمها الانتخابي، خصوصًا في المناطق المسيحية، وسط تراجع شعبية
"التيار الوطني الحر" وفق خصومه، بسبب مواقفه المتقلبة وإخفاقاته خلال عهد
الرئيس ميشال عون. بالتالي، تبدو المعركة الانتخابية فرصةً لإعادة رسم التحالفات، مع
ترجيح أن "التيار" سيخوضها وحيدًا بعد تباعده عن "حزب الله".