تقارير خاصة

الاعتراف بدولة فلسطين: موجة سياسية تعيد تشكيل المعادلة الدبلوماسية!

إعداد: أمل الزهران.

خاص: شبكة الفجر.

في تطور لافت يحمل أبعاداً سياسية ودبلوماسية غير مسبوقة، تتسارع التحركات الغربية للاعتراف الرسمي بدولة فلسطين، وسط مشهد دولي يتغير بوتيرة متسارعة منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة. من باريس إلى أوتاوا، ومن لندن إلى نيويورك، تتوالى التصريحات والإعلانات، في خطوة قد تشكّل منعطفاً تاريخياً.

خمسة عشر دولة غربية، من بينها فرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا، أعلنت رسمياً أنها تدرس –بشكل إيجابي– الاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل.

ويُنظر إلى هذه الخطوة، التي تنضم إليها دول لم يسبق أن اعترفت بفلسطين، كجزء من موجة دبلوماسية جديدة تحاول إعادة رسم معالم العلاقة بين الغرب والقضية الفلسطينية.

من جهته، أكد رئيس الوزراء الكندي مارك كارني عزم بلاده الاعتراف بدولة فلسطين، في ظل ما وصفه بالظروف الكارثية في غزة وتسارع وتيرة الاستيطان في الضفة الغربية. كما أبلغ رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر حكومته بأن لندن ستتخذ الخطوة ذاتها، ما لم يتراجع الكيان الإسرائيلي عن ممارساتها، ويلتزم بوقف إطلاق النار.

الاحتلال الإسرائيلي اشتعل غضباً، من جانبه اعتبر الخطوة بمثابة طعنة دبلوماسية وخطأ جسيم. وردّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بغضب، مدعيًا أن الاعتراف بفلسطين يشكّل تهديدًا لأمن أوروبا نفسها، وليس فقط أمنهم.

أثار إعلان كندا نيتها الاعتراف بدولة فلسطين غضب واشنطن، حيث لوّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتعقيد الصفقة التجارية مع أوتاوا، وهدد بفرض رسوم جمركية مرتفعة. هذا التصعيد يكشف حجم التوتر الذي قد يخلقه الاعتراف بفلسطين حتى بين الحلفاء، ويعكس تحول القضية الفلسطينية إلى ملف دولي ضاغط يتجاوز حدود السياسة إلى مجالات الاقتصاد والتعاون الاستراتيجي.

يبدو أن الاعتراف الغربي، رغم طابعه الرمزي، يحمل في طياته رسائل سياسية قوية للكيان مفادها أن دعمها الدولي لم يعد مطلقًا، وأن أفعالها في غزة لم تعد تُبرر تحت شعار الدفاع عن النفس. هذا الحراك، يعكس تحوّلًا جوهريًا في المزاج السياسي الغربي، الذي بات متأثرًا أكثر من أي وقت مضى بضغوط الرأي العام المحلي، والمشاهد والصورة التي تخرج من القطاع موضحةً حجم المأساة الانسانية.

الدبلوماسية الغربية، بقيادة فرنسا وكندا وبريطانيا، تتجه الآن نحو سياسة الضغط باستخدام أدوات الشرعية الدولية، من خلال الدفع نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، بهدف إعادة التوازن إلى العملية السياسية المتوقفة منذ سنوات. ويعكس ذلك إدراكًا غربيًا متزايدًا بأن غياب أفق سياسي حقيقي، واستمرار الحرب، وتهديدات الضم، كلها عوامل تنذر بانفجار إقليمي لا يمكن احتواؤه لاحقًا.

بين دعم شعبي غربي متصاعد ورفض صهيوني، هل سيكون الاعتراف بدولة فلسطين مقدمة لتغيير قواعد اللعبة في الشرق الأوسط، أم مجرد ورقة دبلوماسية تُلوّح بها العواصم الغربية دون تغيير حقيقي على الأرض؟ سبتمبر المقبل قد يحمل الإجابة، أو على الأقل، بداية مرحلة جديدة من التوازنات الدولية حول واحدة من أقدم القضايا وأكثرها اشتعالًا في تاريخ السياسة.

 


الاعتراف بدولة فلسطين: موجة سياسية تعيد تشكيل المعادلة الدبلوماسية!