تقارير خاصة

اغتيال الصدفة يعكس حجم الهزيمة الاستخباراتي

لينا عبدالله 

يظل الفارس المغوار الشهيد القائد يحيى السنوار يشغل عدوه بعد استشهادة كما قبله، وكأن الفارس لم يترجل، لتظل صوره الاخيرة التي التقطتها مسيرة قوات الاحتلال الصهيوني وهو يهاجم العدو بكل بسالة حتى الرمق الاخير محور سجال عميق داخل الكيان.
حيث واصلت وسائل إعلام الاحتلال تركيز اهتمامها على صور اللحظات الأخيرة التي نشرتها قوات الاحتلال لرئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) يحيى السنوار قبل استشهاده إثر اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال.
وتمحورت الأسئلة التي أثارها إعلاميون صهاينة حول صور المسيّرة الإسرائيلية التي التقطت اللحظات الأخيرة للسنوار، عما إذا كان الجيش الإسرائيلي أخطأ في نشرها بسبب ردود الفعل المؤيدة التي أبداها الفلسطينيون والعرب حول زعيم حماس وتحديه للاحتلال.
إذ يقول محلل الشؤون الفلسطينية في قناة "كان 11" العبرية إن سكان غزة والعالم العربي ينظرون إلى هذه الصور بشكل معاكس للنظرة الإسرائيلية، حيث يظهر أنه قاتل حتى آخر قطرة دم.
ويعتقد أن إسرائيل ترتكب خطأ كبيرا إذا اعتقدت أن هذه الصور "تشكل إهانة للسنوار في نظر الغزيين والعالم العربي ومحور المقاومة".
واعتبر أن صورة السنوار أكبر من ذلك بكثير "فهو شخصية أكثر من أسطورية، والانطباع عنه وعن كل ما قام به سيرافقه لسنوات وأجيال قادمة".
وكان جيش الاحتلال أكد الخميس الماضي أن السنوار، مهندس "طوفان الأقصى" على مستوطنات وقواعد غلاف غزة، قُتل الأربعاء بحي تل السلطان بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة.
وتظهر الصور التي نشرها جيش الاحتلال، السنوار وهو ملثم يجلس على أحد المقاعد وأخرى وهو يلقي عصا خشبية نحو مسيّرة إسرائيلية دخلت إلى المبنى، قبل أن يتم استهدافه بإطلاق قذيفة دبابة على المبنى.
وفي مقال نشرته صحيفة " نيويورك تايمز" في أغسطس/آب الماضي، تم الكشف لأول مرة من مصادر أمريكية، بما في ذلك تصريحات لمستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض ، أن الولايات المتحدة تدير فرقاً خاصة لمساعدة إسرائيل، للوصول إلى السنوار.
وتشمل المساعدة الأمريكية بحسب ما كشفته الصحيفة الأمريكية، معدات متطورة أحضرها الفريق الأمريكي للمساعدة في ملاحقته.
وكان السنوار يعتمد على موارد بشرية للتواصل مع قيادة حركة حماس، وأشار المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون أنه تخلى عن الاتصالات الإلكترونية منذ فترة طويلة، وهو ما جعله يتقن عدم الوقوع في شبكة الاستخبارات المتطورة، و جعل من ملاحقته أمراً محبطاً.
الصحيفة الأمريكية ذكرت أيضاً أن وحدات الاستخبارات الإسرائيلية "أمان" و"الشاباك" أنشأوا وحدة خاصة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، في مقر الشاباك كانت مهمتها الوحيدة هي تحديد مكان السنوار.
كما تولت وكالات الاستخبارات الأمريكية مسؤولية مراقبة وسائل الاتصال الخاصة به، وأنشأ "CIA" قوة خاصة لذلك، بينما أرسل البنتاغون قوات خاصة إلى إسرائيل لتقديم المشورة لجيش الاحتلال
ومن التفاصيل المثيرة للاهتمام، أن التحقيقات كشفت أن التنصت على محادثات السنوار هو السبب وراء مطالبة وزير جيش الاحتلال يوآف غالانت في المراحل الأولى من الحرب بإدخال شحنات الوقود إلى قطاع غزة.
حيث أنه مع بدء احتياطي الوقود في القطاع بالنفاذ في ذلك الوقت، دفع غالانت للسماح بإدخال كميات حتى تستمر المولدات اللازمة لتشغيل الشبكة الخلوية بالأنفاق في العمل، وبالتالي الوصول إلى السنوار عبر استخدامه الهاتف.
كل ما ذكر يبرز حجم الهزيمة الاستخباراتية التي منيت بها قوة تعد مارقة في التطور التكنولوجي، في مواجهة بطل انهى حياته يتصدى لاعتى الاسلحة عالميا بجسده وسلاحه البسيط.
رحل يحيى السنوار زعيم حركة حماس عن هذا العالم، ولم يكن أول مقاوم ولا آخرهم، في عالم يمضي كل شيء فيه نحو الفناء. لكنه عاش وهو يدرك أن الموت ليس هزيمة، بل واقع يواجهه بشجاعة تليق بوجود الإنسان.

اغتيال الصدفة يعكس حجم الهزيمة الاستخباراتي