إعداد: أمل الزهران.
خاص: شبكة الفجر.
في تطوّر جديد يهدّد أحد أهم الممرات
البحرية في العالم، بعد إعلان البرلمان الإيراني موافقته المبدئية على قرار يقضي بإغلاق
مضيق هُرمز أمام الملاحة الدولية، في حال استمرار ما وصفه بـ "العدوان على السيادة
الإيرانية". القرار يأتي يعد تصاعد التوتر العسكري بين طهران وواشنطن، على خلفية
الضربات الجوية التي استهدفت مواقع نووية إيرانية.
مضيق هرمز الذي بات في قلب التوترات
الإقليمية، ليس مجرد ممر بحري ضيق، بل هو أحد أهم المفاصل الاقتصادية والاستراتيجية
في العالم. تمر عبره يومياً ما بين 17 إلى 20 مليون برميل من النفط، أي ما يُعادل تقريباً
30% من تجارة الخام المنقولة بحراً. يُضاف إلى ذلك صادرات الغاز الطبيعي المسال من
قطر، والتي تشكل نسبة رئيسية من إمدادات الطاقة للدول الآسيوية.
مضيق هرمز يعتبر شرياناً أساسياً في
سوق الطاقة العالمي. وأي تعطيل لحركته، ولو مؤقتاً، سرعان ما ينعكس على الأسواق المالية
والنفطية، ويترك آثاراً مباشرة على أسعار النفط، حركة الملاحة، واستقرار الأسواق.
وفي حين لا يزال القرار بحاجة إلى مصادقة
المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران كي يصبح نافذاً، فإن مجرّد طرح هذا السيناريو
في العلن، أدّى إلى قفز أسعار النفط بشكل حاد. فقد ارتفع خام برنت بنسبة 11% خلال الأيام
القليلة الماضية، وسط مخاوف من تأثر الإمدادات، وتراجع الثقة بالاستقرار في الخليج.
دولياً، صدرت تحذيرات متتالية من اتخاذ
مثل هذا القرار. الاتحاد الأوروبي عبّر عن "قلقه البالغ"، معتبراً أن أي
إغلاق للمضيق ستكون له تداعيات كارثية على الاقتصاد العالمي، وسيساهم في تصعيد التوترات
في المنطقة.
إذاً الاقتصاد العالمي في مهبّ الأزمة،
فارتفاع أسعار النفط سينعكس مباشرة على تكاليف الشحن، وأسعار المواد الأولية، وقد يؤدي
إلى ارتفاع معدل التضخم في عدد من الدول، التي بالكاد تعافت من تداعيات جائحة كورونا
والحرب في أوكرانيا. ما يعني مزيداً من الضغوط على الاقتصاد العالمي، وتحديداً في دول
الاستيراد الكبرى مثل الصين والهند وأوروبا.
ومن بين الدول الأكثر تأثراً بالأزمة
الناشئة، الدول الهشة اقتصادياً، ومنها لبنان.
فرغم أن لبنان لا يستورد مشتقاته النفطية
مباشرة عبر مضيق هرمز، إلا أن الأسواق اللبنانية مرتبطة بالأسواق العالمية، وأي تغيير
في الأسعار الدولية ينعكس فوراً على الأسعار المحلية. لطالما تأثر لبنان على مدى العقود
الماضية بأي أزمة عالمي تطال الاقتصاد.
والجدير بالذكر، بأن الكهرباء في لبنان
تعتمد بشكل جزئي على الفيول المستورد، وتحديداً من العراق. وفي حال تعطلت الإمدادات
أو تأخرت، فإن مؤسسة كهرباء لبنان ستكون عاجزة عن تشغيل معاملها.
في ظل هذا المشهد المتشابك، تبدو الأزمة
في مضيق هرمز أكثر من مجرد تطوّر عسكري أو توتر سياسي. في المحصلة، يبقى مضيق هرمز
شرياناً حيوياً للاقتصاد العالمي، وأي تهديد بإغلاقه يُنذر بعواقب خطيرة تتخطى حدود
الخليج. أما لبنان، فرغم عدم ارتباطه المباشر بالممر، إلا أن تداعيات الأزمة تطاله
بسرعة، عبر ارتفاع أسعار النفط وتكاليف المعيشة.
ليبقى السؤال مفتوحاً: هل نحن أمام
أزمة عابرة، أم بداية لانهيار أوسع في بنية الاقتصاد العالمي؟