إسلام جحا - خاص الفجر
يأتي أكتوبر الوردي كل عام ليذكّر بأنه
رمزٌ لمعركةٍ ضدّ أكثر الأمراض فتكاً بالنساء: سرطان الثدي. ففي حين تكتسي المدن باللون
الوردي وتُكثَّف حملات التوعية، يواصل المرض تمدده بصمت، حاصداً أرواحاً كان يمكن إنقاذها
بالفحص المبكر والوعي الصحي. فكل يوم يمرّ دون فحص، هو فرصة ضائعة لإنقاذ حياة.
واقع عالمي وإقليمي مقلق
تشير بيانات الوكالة الدولية لأبحاث
السرطان إلى تسجيل 2.3 مليون إصابة جديدة و670 ألف وفاة عام 2022، مع توقع ارتفاع الأرقام
إلى 3.2 ملايين إصابة و1.1 مليون وفاة سنوياً بحلول 2050. أما في الشرق الأوسط وشمال
أفريقيا، فقد سُجّل عام 2022 نحو 118 ألف إصابة و41 ألف وفاة، مع تفاوت كبير بين الدول؛
حيث ترتفع المعدلات في العراق والجزائر وسوريا، وتنخفض نسبياً في السعودية واليمن.
لبنان: أرقام تنذر بالخطر
في لبنان، يُعد سرطان الثدي المرض السرطاني
الأكثر شيوعاً بين النساء، بمعدل 57.9 إصابة و20.4 وفاة لكل 100 ألف امرأة. وتشير الإحصاءات
إلى ارتفاع مستمر في الحالات، وسط تحديات مالية ونقص في الوصول إلى العلاج، ما يجعل
المرض تهديداً مزدوجاً: صحياً واجتماعياً.
الأسباب والوقاية
يؤكد الأطباء أن العوامل الوراثية لا
تتجاوز 15% من الحالات، بينما تتداخل العوامل البيئية ونمط الحياة — مثل السمنة، قلة
الحركة، والتعرض المفرط للهرمونات الأنثوية — في تشكيل بيئة خصبة للمرض. كما أن تأخر
الفحص الذاتي والدوري يُضاعف من احتمالات الوفاة، في حين يبقى الكشف المبكر السلاح
الأنجع للنجاة.
دعوة للتحرك
تطالب المريضات والجهات الطبية وزارة
الصحة بخطة عاجلة لتأمين الفحوصات المجانية والعلاج الدوائي لجميع النساء، خصوصاً غير
القادرات مادياً، وتوسيع برامج التوعية على مستوى المدارس والبلديات.
في
المحصلة، يحمل أكتوبر الوردي هذا العام رسالةً واضحة: لا مكان للتهاون أمام مرضٍ يمكن
كشفه في بدايته. فالوقاية ليست ترفاً، بل الدرع الأول لحماية حياة النساء في لبنان
والعالم.