إعداد: أمل الزهران.
خاص: شبكة الفجر.
في مشهد استثنائي استقبلت تونس،
"أسطول الصمود العالمي" في ميناء سيدي بوسعيد، المحطة الأخيرة قبل الإبحار
نحو قطاع غزة، في محاولة لكسر الحصار البحري المفروض عليه منذ أكثر من 18 عامًا.
وتجمّع مئات المواطنين التونسيين، في
مشهد حمل في تفاصيله نبض الشارع التونسي وتفاعله مع القضية الفلسطينية. رفرفت الأعلام
الفلسطينية والتونسية جنباً إلى جنب، وارتدى الحضور الكوفية الفلسطينية، بينما علت
الهتافات التي عبّرت عن عمق التضامن الشعبي مع أهالي غزة، من بينها: "بالروح بالدم
نفديك يا فلسطين"، و"غزة رمز العزة"، و"يا غزة إننا قادمون".
وصلت إلى الميناء حتى الآن ثلاث سفن
إسبانية كجزء من نحو 20 سفينة شكّلت "أسطول الصمود العالمي"، انطلقت في أواخر
آب الماضي من ميناء برشلونة الإسباني، مرورًا بجنوة الإيطالية، على أن تنضم إليها سفن
أخرى من ماليزيا وتركيا وشمال إفريقيا خلال الأيام القادمة. وقد ضمّت هذه السفن شخصيات
عامة ونشطاء معروفين من أكثر من 44 جنسية، إضافة إلى نواب أوروبيين ووفود عربية.
أكّد المشاركون في مؤتمر صحفي عُقد
في الميناء أن الهدف الأساسي لهذا التحرك هو كسر الحصار المفروض على قطاع غزة وفتح
ممر إنساني مستدام يسمح بإدخال المساعدات، خاصةً بعد تفشي المجاعة رسميًا في شمال القطاع،
حسب تقارير "مؤشر الأمن الغذائي IPC"، في ظل استمرار الحصار الصهيوني شبه الكامل على المعابر والمساعدات.
وقد اعتُبرت تونس المحطة الأخيرة قبل
الإبحار إلى غزة، ما منحها دورًا رمزيًا وجغرافيًا محوريًا في هذا التحرك العالمي.
وأشارت هيفاء منصوري، عضو هيئة إدارة أسطول الصمود، في تصريحات صحفية، إلى أن تونس
لم تكن مجرد محطة لوجستية، بل حاضنة شعبية ودولية للأسطول، مشيدة بـ "الحشد الشعبي
التونسي الكبير، الذي أعاد التأكيد على أن القضية الفلسطينية ليست غائبة عن وجدان الشعوب".
في ذات السياق، صرّح نبيل الشنوفي،
من الهيئة التسييرية للأسطول، أن نحو 500 إلى 800 ناشط من مختلف الجنسيات باتوا موجودين
في تونس بانتظار الانطلاق الجماعي للأسطول يوم الأربعاء المقبل، بعد الانتهاء من أعمال
الصيانة والفحص الفني لبعض السفن القادمة من إسبانيا.
رغم أجواء الاحتفاء والاستقبال الحاشد،
إلا أن القلق يخيّم على المشاركين بسبب تهديدات صهيونية صريحة باعتراض الأسطول، كما
حدث في مرات سابقة.
في لحظة جمعت بين الأمل والغضب، بين
الإصرار والاحتضان الشعبي، تتهيأ تونس لأن تكون منصة انطلاق جديدة للضمير الإنساني
نحو غزة. فرغم الحصار، ورغم التهديدات، فإن صوت الشعوب لا يزال يعلو. "أسطول الصمود"
ليس مجرد قافلة بحرية، بل نداء عالمي لرفع الحصار، وإنهاء سياسة التجويع، واستعادة
الحق الإنساني للفلسطينيين في العيش بكرامة.
من ميناء سيدي بوسعيد، تبدأ الرحلة...
وعلى متنها، تضامن العالم مع غزة.