ماهر الخطيب
منذ تعيين السفير السابق سيمون كرم ضمن وفد لبنان في لجنة "الميكانيزم"، تُطرح مجموعة من الأسئلة، التي تتجاوز مسألة التجاوب الإسرائيلي مع مبدأ التفاوض في الأصل، حول الرهانات التي لدى الجانب اللبناني في هذا المسار، خصوصاً أنه يفرض مجموعة واسعة من التحديات التي لا يمكن التقليل من أهميتها.
في هذا السياق، كان واضحاً أن بيروت حددت إطاراً لهذه المهمة، يقوم على أساس إلزام تل أبيب بوقف الاعتداءات والانسحاب من الأراضي التي تحتلها وإعادة الأسرى، في مقابل مسارعتها إلى الحديث عما هو أبعد من ذلك، من خلال الإشارة إلى تفاهمات إقتصادية في المستقبل.
لا يمكن الحديث عن أي تفاوض دون البحث في أوراق القوة التي لدى كل فريق، هذا ما تؤكده مصادر متابعة عبر "النشرة"، كان لها منذ الأيام الأولى الكثير من علامات الاستفهام حول جدية إسرائيل في الوصول إلى نتائج إيجابية، حيث تلفت إلى أنه من الناحية العملية تل أبيب تشعر بأن لديها فائض قوة يسمح لها بفرض رؤيتها على مستوى المنطقة برمتها وليس فقط لبنان.
على الرغم من ذلك، تشدد المصادر نفسها على أن بيروت لا تملك خيارات بديلة، حيث تذكر أن خطة تعيين كرم جاءت على وقع تهديدات إسرائيلية بالذهاب إلى عملية عسكرية موسعة، بالإضافة إلى ضغوط أميركية، شاركت فيها العديد من الجهات الدولية والإقليمية، بضرورة الذهاب إلى المزيد من الإجراءات على مستوى معالجة ملف سلاح "حزب الله".
هنا، تلفت هذه المصادر إلى أن "حزب الله" هو الجهة الأساسية الوحيدة التي أعلنت رفضها الخطوة، من منطلق أنها تمثل تنازلاً مجانياً تُقدم إلى تل أبيب، لكنها تؤكد أن الحزب نفسه يدرك أن التوازنات الحالية، لم تكن تسمح برفض لبنان "نصائح" ضم شخصية مدنية إلى "الميكانيزم"، من منطلق أن هذه الخطوة قد تساعد على خفض منسوب التوتر.
إنطلاقاَ من ذلك، تتجه الأنظار إلى الاجتماع المقبل لـ"الميكانيزم"، في 19 الشهر الحالي، خصوصاً أن الاعتداءات الإسرائيلية لم تتوقف، بعد الاجتماع الأول الذي عقد بحضور كرم، لا بل هي بادرت إلى تنفيذ موجة جديدة من الغارات المكثفة، بعد أقل من 24 ساعة من إنعقاده، في مؤشر على أن الأمور، من وجهة نظرها، لا تزال على حالها.
في هذا الإطار، تؤكد المصادر المتابعة أنه من الطبيعي أن يطرح الوفد اللبناني مسألة إلزام إسرائيل بإتفاق وقف إطلاق النار، مع فتح الباب أمام العودة إلى إتفاق الهدنة الموقعة في العام 1949، لا سيما أن هذا الطرح مدعوم من قبل العديد من القوى السياسية في البلاد، إلا أنها توضح أن ما يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار هو أن المسألة لدى تل أبيب لم تعد مقبولة.
وتلفت المصادر نفسها إلى أن مطالب الجانب الإسرائيلي لم تعد تقتصر على الواقع الأمني على الحدود، بل بات يربط أي حل بمعالجة ملف السلاح على كافة الأراضي اللبنانية، أي أن الأمور تتخطى الإطار الموجود في إتفاق الهدنة أو حتى القرار 1701 نفسه، وتضيف: "هذا الواقع يمثل موقف العديد من الجهات الخارجية، بالإضافة إلى أنه يتماهى مع مواقف مجموعة واسعة من الأفرقاء المحليين".
في المحصلة، توافق هذه المصادر على معادلة أن العودة إلى إتفاق الهدنة، قد تكون الحل الأفضل بالنسبة إلى لبنان، في المرحلة الحالية، بناء على الأوضاع الداخلية والخارجية المحيطة، لكنها تشير إلى أن ذلك لا يلغي أهمية التنبه إلى أن إسرائيل لم تعد ترضى بها، وبالتالي هي لن توافق على هذا الحل، بحال لم تتعرض إلى ضغوط كبيرة من الولايات المتحدة، وتسأل: "هل واشنطن في هذا الوارد"؟ لتجيب: "من المستبعد جداً".
موقع النشرة