ماهر الخطيب
على الرغم من أن إسرائيل لم تتأخر في تأكيد إستمرارها بالإعتداءات، شبه اليومية، التي تقوم بها على لبنان، بعد خطوة تسمية السفير السابق سيمون كرم ضمن الوفد اللبناني في إجتماعات "الميكانيزم"، إلا أن ما ينبغي التنبه إليه، على هذا الصعيد، هو بروز ملامح بعض التحول في الموقف الأميركي، عبر عنه، بشكل واضح، الموفد توم براك، من خلال مجموعة من التصريحات في الأيام الماضية.
في هذا السياق، ليس تفصيلاً بسيطاً أن يعمد براك إلى التأكيد أنه لا يمكن نزع سلاح "حزب الله" بالقوة، في حين كان قد نُقل عنه أن المطلوب ليس نزع السلاح بل منع الحزب من إستخدامه، في وقت كشف السفير الأميركي الجديد ميشال عيسى عن العمل على إعادة ترتيب زيارة قائد الجيش العماد رودولف هيكل إلى الولايات المتحدة.
بالنسبة إلى مصادر سياسية متابعة، هذه المواقف تصب في إطار السعي إلى إعادة ترتيب الأوضاع، بعد خطوة تعيين كرم، على قاعدة أن التفاوض حول الأفضل في هذه المرحلة، الأمر الذي يتماهى مع المواقف التي أطلقها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، من القصر الجمهوري بعد زيارته الرئيس جوزاف عون أمس، حيث أشار إلى أنه لا يخشى الحرب بعد الآن، لأن اللغة اليوم أصبحت الدبلوماسية والتفاوض.
وتلفت المصادر نفسها، عبر "النشرة"، إلى أنه منذ الإعلان عن تسمية كرم كان من الواضح أن هذه الخطوة، على أقل تقدير، ساهمت في تراجع الحديث الإسرائيلي عن الذهاب إلى عملية عسكرية موسّعة ضد لبنان أو تأجيل أيّ خطوة من هذا النوع في الوقت الراهن، حيث كانت الترجيحات تصب في إطار أنها من الممكن أن تبادر إلى ذلك بعد إنتهاء زيارة البابا لاوون الرابع عشر إلى بيروت، أو بعد نهاية العام الحالي، ربطاً بالفترة المحددة لإنتهاء خطة الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني.
على الرغم من ذلك، لا يمكن الركون، بشكل كامل، إلى النوايا الإسرائيلية، بسبب إمكانية مبادرتها إلى تصعيد جديد في أي لحظة، أو حتى إلى التصريحات الأميركية، لا سيما أن براك نفسه من الممكن أن يطلق مواقف جديدة مغايرة، لكن الأساس يبقى أن ما بات يطرح، في المرحلة الراهنة، هو أساس منطقي للتفاوض، بحسب ما تشير هذه المصادر.
في هذا الإطار، تلفت مصادر نيابية، عبر "النشرة"، إلى أن الحديث المنقول عن الموفد الأميركي، بالنسبة إلى أن المطلوب منع الحزب من إستخدام السلاح لا نزعه، يتوافق مع ما كان قد طرح في المبادرة المصريّة، التي كانت تشير إلى تجميد السلاح، في حين أن القرارات التي كانت قد صدرت عن مجلس الوزراء، تحديداً بالنسبة إلى الإجراءات الخاصة بمنطقة شمال الليطاني، تتضمن ما يمكن وصفه بالسعي إلى الإحتواء، ما يعني أن هناك تلاقياً، لو غير مباشر، في هذه الطروحات.
في الأسبوع الماضي، كانت بارزة المواقف التي أطلقها أمين عام "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، بالنسبة إلى تعيين مدني في وفد "الميكانيزم"، بالرغم من أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري كان جزءاً من القرار المتخذ، لكن ما ينبغي التوقف عنده، بالنسبة إلى المصادر نفسها، هو تأكيده الإلتزام بوقف إطلاق النار، الذي أصر على حصره بمنطقة جنوب الليطاني، على أن يترك موضوع معالجة ما هو خارج هذه المنطقة إلى اللبنانيين، بعيداً عن تدخل أي جهة أخرى.
في المحصلة، تدعو هذه المصادر إلى أن ترقب التطورات، التي من الممكن أن تشهدها البلاد في الأسابيع المقبلة، لمعرفة ما إذا كان براك يعبر فعلاً عن تحول في الموقف الأميركي، الأمر الذي قد يفتح الباب أمام مفاوضات أكثر جدية، لا سيما أن هناك أيضاً إقتناعاً من جانب إسرائيل بهذا التوجه.
موقع النشرة