بسام غنوم
كشفت نتائج الانتخابات البلدية والاختيارية التي جرت في مدينة بيروت يوم الأحد الماضي عن واقع سياسي جديد بدأ يفرض نفسه على مجمل الساحة السياسية اللبنانية وخصوصا على المدن الرئيسية التي يغلب عليها الطابع السني في مدن صيدا وطرابلس وبيروت.
اولى القراءات لنتائج الانتخابات البلدية في طرابلس وبيروت والتي يمكن أن تنسحب أيضا يوم الأحد القادم على نتائج الانتخابات في مدينة صيدا هي أن هناك من يعمل بطرق ظاهرة وخفية من أجل إلغاء تيار المستقبل سياسيا في بيروت وكل لبنان ، ومنع وصول الاسلاميين السنة الى المقاعد البلدية والاختيارية بأي ثمن وخصوصا في المدن الكبرى .
فبعد منع الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل من قبل السعودية من خوض الانتخابات البلدية والاختيارية في لبنان وفي بيروت تحديدا بعدما كان قد اعلن في زيارته الأخيرة الى بيروت بالذكرى السنوية لاغتيال الرئيس رفيق الحريري عن مشاركة تيار المستقبل في الاستحقاق البلدي ، تولى السفير السعودي في بيروت وليد بخاري وبصورة علنية ومباشرة مهمة تشكيل لائحة بلدية لبيروت جمع فيها الأضداد حيث ضمت لائحة "بيروت تجمعنا" الثنائي الشيعي اي حزب الله وحركة أمل ، وأحزاب القوات اللبنانية والكتائب والتيار الوطني الحر وحزب الطاشناق الأرمني اضافة الى جماعة الأحباش والنائب فؤاد مخزومي والوزير السابق محمد شقير والحزب التقدمي الاشتراكي وغيرهم ، في مواجهة باقي اللوائح وخصوصا لائحة"بيروت بتحبك " التي تجمع انصار من تيار المستقبل والجماعة الاسلامية والنائب نبيل بدر ومجموعة من الشخصيات المستقلة ، وكان العنوان المعلن لتجمع الأضداد في لائحة "بيروت بتجمعنا " التي أشرف عليها السفير السعودي في لبنان هو " حماية المناصفة " في بيروت بين المسلمين والمسيحيين وهكذا اجتمع الخصوم تحت "خيمة المناصفة" ، وعليه لم يجد «حزب الله» حرجاً في حمل مندوبيه لوائح خطّ عليها اسم مرشّحي حزب «القوّات اللبنانيّة»، كما لم يجد النّائب نديم الجميّل حلاً لتبرير تحالفه مع «الثنائي» إلا على الطريقة«الميكافيليّة» بإشارته إلى أنّ «التحالفات في الانتخابات البلدية في بيروت لن تكون في النيابية، وهدفنا هو تأمين المناصفة والعمل من أجل بيروت».
اما ثاني القراءات فهي أن أهل السنة في لبنان وخصوصا في المدن الكبرى لم يعتبروا بما حدث في سوريا طوال أكثر من خمسين سنة من حكم العلويين وتحالف الأقليات الذي قاد عمليات القتل والتدمير في سوريا خصوصا في العشر سنوات الماضية والذي أوصل المنطقة كلها الى الخراب ، ولذلك كانت نسبة مشاركة أهل السنة في الانتخابات البلدية في بيروت وطرابلس ضعيفة بحيث لم تتجاوز ال 20 في المئة مما سمح لحلف الأقليات ومن معهم من أهل السنة بوضع اليد على المجلس البلدي بحجة "حماية المناصفة" والأقليات بوجه الأكثرية ، وهي على فكرة نفس السبب الذي دعا "حزب الله" للقتال الى جانب نظام الأسد في سوريا ووقوف الرئيس اللبناني السابق ميشال عون والتيار الوطني الحر في لبنان وغيرهم من القوى السياسية اللبنانية الى جانب نظام الأسد المخلوع حيث كان يدعي هؤلاء ان نظام الأسد البائد هو حامي الأقليات المسيحية وغير المسيحية من طغيان أهل السنة ، وبالتالي فما جرى في طرابلس وبيروت في الانتخابات البلدية والاختيارية قد ينسحب أيضا على مدينة صيدا في حال لم يقترع أهل السنة بكثافة في صيدا كما يقترع باقي الطوائف في مدنهم وقراهم حيث تجاوزت نسبة الاقتراع في أغلب المدن والبلدات ال 40بالمئة ، بل تجاوزتها في بعلبك والهرمل وزحلة.
بالخلاصة يمكن القول الانتخابات البلدية والاختيارية التي جرت في بيروت وغيرها من المناطق تشكل فرصة جيدة لدراسة الواقع الانتخابي اولا ، ولمعرفة كيفية التعامل مع الاستحقاق النيابي المقبل ثانيا خصوصا على صعيد التحالفات السياسية والانتخابية التي يجب ان تكون تحالفات قوية وفاعلة وليس مجرد تحالفات شكلية لا تقدم او تأخر.فهل يتدارك أهل السنة في طرابلس وصيدا وبيروت ما جرى في الانتخابات البلدية والاختيارية ويعملون على تصحيح الواقع .نأمل ذلك.
موقع مجلة الأمان