لماذا وصلت الأمور الى ما وصلت اليه في لبنان حاليا رغم تعاطي الحكومة اللبنانية بإيجابية مع المطالب ال


بسام غنوم

بعد عملية إغتيال رئيس أركان حزب الله هيثم الطبطبائي في الضاحية الجنوبية لبيروت عصر يوم الأحد الماضي ، وصفت ‎صحيفتا "يديعوت أحرونوت" و"إسرائيل هيوم" الهجوم بأنه "أحد أخطر الضربات" منذ الهدنة بين إسرائيل وحزب الله في تشرين الثاني 2024، معتبرتين أنه "تصعيد كبير يدفع الهدنة الهشة نحو الانهيار"، وهو أول استهداف لبيروت منذ 5 أشهر.

وهنا يطرح السؤال التالي : هل تشكل عملية إغتيال هيثم الطبطبائي بداية الحرب الجديدة على لبنان؟

السؤال بعد عملية الإغتيال لم يعد متى تبدأ الحرب ، لأن الحرب الاسرائيلية الجديدة على لبنان بدأت فعليا قبل عملية الإغتيال ، وهي في تصاعد كبير مع عمليات القصف والإغتيال اليومية التي تطال عناصر حزب الله في الجنوب والبقاع وغيرها من المناطق اللبنانية ، وقد شهدنا في الأسبوع الماضي تطورا في عمليات الإعتداء على لبنان من قبل العدو الإسرائيلي تمثل في إستهداف ملعب لكرة القدم في مخيم عين الحلوة ، وهو ما أدى إلى إستشهاد 13 شهيدا بينما كانوا يلعبون كرة القدم ، بالإضافة إلى عدد كبير من الجرحى ، وأدعت إسرائيل أن المستهدفين أعضاء في حركة حماس وكانوا يتدربون لشن هجمات على إسرائيل.

ولذلك يجب السؤال لماذا وصلت الأمور الى ما وصلت اليه في لبنان حاليا رغم التعاطي الإيجابي من قبل الحكومة اللبنانية مع المطالب الأميركية والدولية من لبنان سواء فيما يتعلق بسلاح حزب الله ، أو غيره من المطالب التي ترتبط بالإصلاحات السياسية والإقتصادية؟

بالحقيقة يمكن القول أن الحكومة اللبنانية والدولة اللبنانية ككل استجابت لكل مطالب المجتمع الدولي،لكن موضوع سحب سلاح حزب الله كما يعلم الجميع قضية معقدة سياسيا وأمنيا وطائفيا ، والعدو الاسرائيلي لم ينفذ قرار الانسحاب من النقاط الخمس المحتلة في جنوب لبنان ، واستمر في إعتداءاته على لبنان واللبنانيين طوال السنة وهو ما أدى الى سقوط أكثر من 330 شهيدا من اللبنانيين بعد الإعلان عن قرار وقف الأعمال القتالية بين لبنان وإسرائيل في 27-11-2024 ، والولايات المتحدة الأميركية بدلا من أن تمارس ضغوطا على إسرائيل لوقف إعتداءاتها على لبنان ، ترسل مبعوثيها بصورة دورية لنقل تهديدات إسرائيل للبنان ، و بعد عملية إغتيال هيثم الطبطبائي ، قال مسؤول أميركي رفيع المستوى لموقع "أكسيوس" الإخباري، إن إسرائيل لم تطلع واشنطن مسبقا على الضربة التي نفذت في الضاحية الجنوبية لبيروت، مؤكدا أن الإدارة الأميركية أخطرت فقط بعد تنفيذ الغارة مباشرة.

وأوضح المسؤول أن الولايات المتحدة كانت تعلم منذ أيام أن إسرائيل تستعد لتصعيد عملياتها العسكرية في لبنان، لكنها لم تكن على علم بموعد أو مكان أو هوية الهدف المرتبط بالضربة التي نفذت الأحد.

وهذا الموقف الأميركي يؤكد تواطؤ الإدارة الأميركية مع إسرائيل ، وأن المطلوب من لبنان فقط هو الإلتزام بالمطالب الأميركية والاسرائيلية ، وإلا فإن لبنان سيبقى مهددا في أمنه وإستقراره.

لذلك على الحكومة اللبنانية والتي تمثل كل اللبنانيين ويشارك فيها الثنائي الشيعي بخمسة وزراء ، أن تصارح اللبنانيين بحقيقة ما يجري سواء في العلن أو خلف الكواليس حتى لايفاجئ اللبنانيون بحرب جديدة .

فإذا كانت الحكومة تعلم أن إسرائيل ستشن حربا قريبة على لبنان فيجب على اللبنانيين أن يستعدوا لها منذ الآن حتى لا يحدث ما حدث في السنة الماضية من قتل وتشريد وتهجير ، وإذا كانت قادرة على تجاوز قطوع حرب جديدة على لبنان فيجب أن أن يعلم اللبنانيون ما هو الثمن المطلوب لذلك.

بإختصار لايمكن إبقاء الأمور على ما هي عليه حاليا ، لأن حياة اللبنانيين ومستقبلهم على المحك ، وإذا كان العدوان الاسرائيلي على لبنان في السنة الماضية كان مفاجئا ، فإنه حاليا هو رأي العين . فماذا ستفعل الحكومة اللبنانية إزاء ذلك ؟

موقع مجلة الأمان
لماذا وصلت الأمور الى ما وصلت اليه في لبنان حاليا رغم تعاطي الحكومة اللبنانية بإيجابية مع المطالب الأميركية والدولية؟ _ بسام غنوم