قمة الدوحة: تعاطف خطابي مع قطر وليس بسعي لـ"ردع" إسرائيل؟! _ ماهر الخطيب


ماهر الخطيب 

منذ الهجوم الإسرائيلي على العاصمة القطرية ​الدوحة​، الذي إستهدف قيادات من حركة "حماس"، طُرحت الكثير من الأسئلة حول الرد الذي من الممكن أن تبادر إليه الدول العربية والإسلامية، خصوصاً أن هذا التطور كان بمثابة إشارة إلى أن تل أبيب لن تتردد في إستهداف أي دولة، في حال وجدت لها مصلحة في ذلك.

في الأيام الماضية، برز التركيز على أن الرد من المفترض ألا يقود إلى إغضاب الولايات المتحدة، بدليل المواقف التي كانت قد صدرت عن مسؤولين قطريين بعد الهجوم، بالرغم من أن الجميع يدرك أنه ما كان ليحصل دون موافقتها، لكن في المقابل كان من الطبيعي البحث عن الخطوات التي من الممكن أن تقوم بها الدول العربية والإسلامية، تحت عنوان "ردع" إسرائيل، التي تتصرف، منذ عملية "طوفان الأقصى"، على أساس أنها سيدة المنطقة التي تسعى إلى تغيير وجهها.

في هذا السياق، كان العنوان الأبرز ​القمة العربية الإسلامية​، التي عقدت في الدوحة أمس، إلا أنها، من الناحية العملية، لم تذهب، على مستوى المقررات، إلى أي خطوة، من الممكن الرهان عليها في مسار "ردع" تل أبيب، بل كررت المواقف التي كانت معروفة مسبقاً، لكن برز الحرص على إظهار تعاطف كبير مع قطر، بسبب ما تمثله على المستويين العربي والإسلامي، على عكس ما هو الحال بالنسبة إلى الإعتداءات اليومية على فلسطين ولبنان وسوريا، أو تلك التي تستهدف، بين الحين والآخر، اليمن وإيران.

ما تقدم، يقود إلى معادلة أساسية في قراءة أبعاد هذه القمة، أي الهدف منها، من قبل غالبية المشاركين، وهو إظهار ​التضامن مع قطر​، لا البحث في كيفية "ردع" إسرائيل، الذي من المفترض أن يكون عنوان القمة، خصوصاً أن غالبية الدول العربية والإسلامية لا تشترك في النظرة نفسها إلى هذا الخطر، لا بل من الممكن الحديث عن أن بعضها يشارك تل أبيب نظرتها العدائية إلى بعضها الآخر، من منطلق الصراع القائم على النفوذ في المنطقة، حيث كان ينظر، من قبل البعض، إلى العلاقة معها على أنها خيار إستراتيجي.

في هذا الإطار، وجب الإشارة إلى المسار، الذي كان قائماً بعد أحداث ما بات يعرف بـ"​الربيع العربي​"، حيث برز انقسام الدول العربية والإسلامية إلى 3 تكتلات رئيسية: الأول مدعوم من قبل قطر وتركيا، كان يراهن على التبدلات التي برزت، الثاني يضم غالبية الدول الخليجية، التي عملت على عرقلة تلك التبدلات ثم إسقاطها، الثالث هو الذي يضم إيران، التي كان ينظر إليها، من قبل غالبية الدول، على أنها تمثل الخطر الأكبر لا إسرائيل.

ضمن هذا المسار، برزت مجموعة واسعة من التوترات، قد يكون أبرزها، الذي سُجل في العام 2017، عندما بادرت بعض الدول، برئاسة التكتل الثاني، إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، تحت عنوان دعمها "الإرهاب"، في حين أن غالبية هذه الدول لم تنظر، إلى الحروب التي بادرت إليها إسرائيل بعد "طوفان الأقصى"، إلا على أنها تساهم في إضعاف ​النفوذ الإيراني​، من منطلق أنها تستهدف ما يوصف بأنه "أذرعها" في المنطقة، في وقت كانت بعض هذه الدول تسعى إلى إضعاف بعضها الآخر، عبر المشاركة في تعزيز توتراتها المحلية.

في المحصلة، ما صدر عن قمة الدوحة لا يرتقي إلى مستوى التحدّي، الذي يتمثل بالمواقف التي يعبر عنها المسؤولون الإسرائيليون، لا سيما لناحية التذكير الدائم بحلم "إسرائيل الكبرى"، حيث من الممكن القول إن ما تحقق هو إظهار "التعاطف" مع قطر، على أن تعود الصراعات بين الدول العربية والإسلامية، في الأيام المقبلة، إلى الواجهة، في حين ستتقدم تل أبيب نحو الإستثمار في ذلك، لتكريس سطوتها على المنطقة برمتها، في ظل غياب أي قوة قادرة أو راغبة في "ردعها".

موقع النشرة
قمة الدوحة: تعاطف خطابي مع قطر وليس بسعي لـ"ردع" إسرائيل؟! _ ماهر الخطيب