صلاح سلام
نتائج الإنتخابات البلدية في طرابلس تعتبر الظاهرة الأولى التي تستحق الوقوف عندها مطولاً من قبل القيادات الطرابلسية أولاً، على خلفية التشرذم وغياب البرامج الجدية للوائح المتنافسة رغم كثرتها، والتي كانت من أبرز تداعياتها هذا الإنكفاء المتزايد من قبل الطرابلسيين عن المشاركة في العملية الإنتخابية، وتدني نسبة التصويت في صناديق الإقتراع.
لقد عبّر الناخب الطرابلسي عن الغربة التي تحكم علاقته بمعظم قيادات المدينة، بسبب إنعدام المعالجات المطلوبة لمشاكل المدينة، وتفاقم أزماتها الإجتماعية والمعيشية، وتدهور نسبة الفقر في بعض أحيائها إلى مستويات متدنية جداً، كانت من أسباب تصنيف الفيحاء «المدينة الأكثر فقراً على ساحل البحر المتوسط»، حسب دراسات الأمم المتحدة.
لا يجوز إستمرار هذا الإهمال للعاصمة الثانية من قبل القيادات أولاً، ثم من قبل الدولة التي حرمت طرابلس من أبسط المشاريع الإنمائية، رغم توفر الإمكانيات الإقتصادية الكبيرة وفي مقدمتها المرفأ والمطار والمعرض الدولي، ومؤخرا المنطقة الاقتصادية.
الظاهرة الثانية في إنتخابات الشمال وعكار، هو تفشي الرشوات «على عينك يا تاجر»، في عملية إستغلال بشعة من قبل بعض المرشحين، للضائقة المعيشية التي تعيشها الأكثرية الساحقة في محافظة عكار وقضائي الضنية والمنية.
رُبَّ قائل أن الرشوة كانت حاضرة دائماً في الإنتخابات اللبنانية، سواءٌ البلدية أم النيابية، في ظل حالة التسيُّب التي كانت تسود في الدورات الإنتخابية. ولكن المفارقة في الدورة الحالية، أن الأجهزة الأمنية كانت بالمرصاد، ونفذت تعليمات الحكومة بملاحقة وتوقيف المتهمين والمرتكبين لجريمة الرشوة، مهما كانت مرجعيته السياسية والحزبية.
ولعلها من المرات النادرة التي تتعامل فيها الدولة بمثل هذه الجدية في مكافحة الرشوة، ومعاقبة المتعاملين فيها.
أما الظاهرة الثالثة فكانت أكثر دراماتيكيّة، حيث سقط عدد من الضحايا، بين قتيل وجريح، نتيجة إطلاق النار العشوائي، في أكثر من منطقة وقرية، رغم كل التحذيرات الصادرة عن وزارة الداخلية، ورغم تعليق مفعول رخص حمل السلاح في الأيام الإنتخابية.
ولكن الإجراءات الصارمة التي إتخذها الجيش، وجهاز المخابرات خاصة، أدت إلى توقيف العشرات من مطلقي النار، وسوقهم إلى القضاء، في خطوة غير مسبوقة في مثل هذه الحالات، حيث كان قتلة الأطفال والأبرياء، يبقون بمنأى عن المساءلة القانونية.
ورغم كل هذه الشوائب، فإن مسيرة الإنتخابات البلدية مستمرة، وترفد إنطلاقة العهد والحكومة السلامية بمزيد من الإنجازات في فترة زمنية قياسية.
صحيفة اللواء