رئاسة لبنان: خلاف حقيقي أم مسرحية سياسية؟ _


محمد علوش 

عندما حدّد رئيس المجلس النيابي نبيه بري جلسة انتخابات رئيس الجمهورية في 9 كانون الثاني المقبل، هاجمته المعارضة التي اعتبرت أن الموعد يمكن أن يكون أقرب، فهم الذين كانوا يرفضون الحوار المسبق للرئاسة ويطالبون بتعيين جلسة انتخاب فورية لا تتوقف فيها المحاولات إلا حين يتم انتخاب رئيس للجمهورية، ولكن اليوم تبدل الحال.

من كان مستعجلاً في الأمس، أصبح حذراً اليوم ويطلب التريث والانتظار، ومن كان غير مستعجل أصبح مستعجلاً عله يتمكن من انتخاب رئيس قبل وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

تشهد الأروقة السياسية اليوم تحركات مكثفة بغية الاتفاق على رئيس أو تأجيل الجلسة، فلكل طرف رؤيته التي تناسبه، فالمعارضة المسيحية تجد أن الفرصة تاريخية لإيصال رئيس من صلبها، وصقراً من صقورها، والفريق الحاكم يرى أن الظروف الإقليمية والدولية باتت تحتم الاتفاق على رئيس توافقي، وما بين هذا وذاك، يبقى مصير الجلسة المقبلة ضبابياً، رغم كل موجات التفاؤل التي تصدر يومياً.

هناك نظرية في لبنان تقول بأنّ الحراك السياسي المرافق للاستحقاقات الكبرى عادة ما يكون عبارة عن مسرحيّة، كون القرار يُتخذ خارج لبنان ويطبق في الداخل، تقول مصادر سياسية مطلعة، مشيرة إلى أن المثال الأخير على ذلك كان خلال مرحلة التمديد لقائد الجيش جوزاف عون، فقبل التمديد تنطلق النقاشات حول الجدوى والهدف وما إذا كان سيمر التمديد أم لا، مع معرفة الجميع بأن التمديد واقع لا محال، وأن القرار الخارجي والاميركي تحديداً قد صدر، وهذا ما يجري اليوم في الرئاسة.

نجح بري في حشر القوى التي كانت ترفض الحوار وتطالب بعقد جلسة سريعة، فهو يؤكد اليوم أنه يسعى لأن تكون جلسة التاسع من كانون الثاني نهائيّة، وقد زاد من ضغطه من خلال حديثه عن دعوة سفراء ومسؤولين لحضورها، وهو ما يوحي وكأن الأمور منتهية والرئيس بات معروفاً.

بينما ما نشهده من احداث سياسية وكثرة للمرشحين الراغبين بالوصول، يعطي انطباعاً وكأن المعركة داخليّة، وأنّ التفاهمات التي تؤدي الى وصول رئيس لم تنضج بعد، ففريق يدعم مرشحاً معارضاً من قياس سمير جعجع، وآخر يدعم مرشحاً فرنسياً كسمير عساف وناصيف حتي، وغيرهم يرون بزياد بارود خير من يمثل المواصفات التي وضعت في الخارج للرئيس المقبل، وغيرهم يشدّون في جورج خوري المدعوم من بري والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، وبعضهم يتحدث عن مدير عام الامن العام بالانابة العميد الياس البيسري الذي لا يزال أمامه عقبة الحصول على موافقة القوات اللبنانية، ولكن عندما تحين لحظة الحقيقة فإن ذلك كله بحسب المصادر سيسقط لصالح المرشح المدعوم من الخارج.

لا تجد المصادر توصيفاً لكل ما يجري سوى بأنه مسرحية لتمرير الوقت والإيحاء بأن القرار لبنانياً، معتبرة أن الجميع قد بات يعلم بأنّ إسم الرئيس سيعلن قبل وقت قصير من الجلسة أو على أبعد تقدير بعد أيام من تسلّم دونالد ترامب لمهامه في البيت الأبيض، وما على النواب سوى التصويت له في الجلسة، مشدّدة على أنّه على اللبنانيين ألاّ يقعوا ضحيّة القوى السياسية التي تحاول إظهار سيادتها على الملف، فما يُكتب في الخارج ضمن التسويات يُطبّق في لبنان.

موقع النشرة
رئاسة لبنان: خلاف حقيقي أم مسرحية سياسية؟ _محمد علوش