خلاف الثنائي الشيعي مع الرئيس نواف سلام ... هل هو لمصلحة لبنان واللبنانيين ؟ _بسام غنوم


بسام غنوم

تعيش الساحة السياسية اللبنانية في ظل حالة من الخلاف المتصاعد بين الثنائي الشيعي ( أمل و حزب الله ) ورئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام.

ويبرز اشتباك معلن بين الثنائي الشيعي ورئيس الحكومة نواف سلام بعد كل موقف او اعلان يصدر عن الرئيس سلام بخصوص موضوع سلاح حزب الله ، رغم ان المواقف التي تصدر عن الرئيس سلام هي المواقف الرسمية للحكومة اللبنانية ، والتي تم التعبير عنها في البيان الوزاري للحكومة اللبنانية التي يشارك فيها الثنائي الشيعي ( أمل و حزب الله ) .

وفي آخر المواقف من الرئيس سلام هو ما صدر عن الرئيس نبيه بري قبيل توجهه إلى قصر بعبدا في الأسبوع الماضي للقاء رئيس الجمهورية جوزاف عون في إطار زيارات التشاور بينهما، حيث قال رداً على سؤال عن علاقته برئيس الحكومة نواف سلام : "إذا سخّن منسخّن وإذا برّد منبرّد"، أي أن العلاقة باتت رهنا بمواقف سلام. فإذا ذهب إلى التصعيد سيقابله بتصعيد، أما إذا خفف اللهجة وعاد إلى الهدوء فسيقابل بهدوء مماثل.

وسبق ذلك إعلان رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد رفضه التعليق على مواقف رئيس الحكومة نواف سلام في شأن سلاح "حزب الله"، "حفاظاً على ما تبقى من ودّ".

وكان رئيس الحكومة نواف سلام قال في مقابلة مع ال cnn أن الهدف النهائي هو "أن تحتكر الدولة اللبنانية وحدها امتلاك السلاح"، مضيفًا أن الجيش اللبناني أحرز تقدمًا مهمًا في الجنوب.

وأضاف أن حكومته تبني أجندتها على ركيزتين: استعادة السيادة الوطنية والبدء بإصلاحات هيكلية في المالية والإدارة، وعبر قائلا "اليوم نحن أمام فرصة جديدة، وأي تراجع قد يكون كارثياً".

واللافت أن هذا الخلاف المعلن بين الثنائي الشيعي ورئيس الحكومة نواف سلام لايقتصر فقط على المواقف السياسية الصادرة عن الرئيس بري والنائب رعد وغيرهم من النواب والمسؤولين الشيعة بل يمتد الى الساحة الشعبية الشيعية التي تصف الرئيس سلام ب "الصهيوني " كما جرى في مباراة كرة القدم في المدينة الرياضية قبل اسبوعين والتي كانت بمشاركة وحضور الرئيس سلام نفسه للمباراة ، كما وتصدر بيانات ومواقف شعبية بصورة شبه يومية من جهات غير معروفة توجه تهديدات للحكومة اللبنانية ورئيسها بسبب التأخير في إعادة إعمار المناطق التي دمرها العدو الاسرائيلي.

ويكشف هذا السيناريو المعلن للثنائي الشيعي عن محاولة لمحاصرة الرئيس سلام سياسيا وشعبيا لأنه يتبنى خيار نزع سلاح حزب الله ، وفي هذا الإطار يعمل الثنائي الشيعي على توطيد علاقته برئيس الجمهورية جوزاف عون في مقابل توتيرها مع الرئيس سلام ، وهذا الاسلوب كان يتبعه الثنائي الشيعي دائما مع رؤساء الحكومة في لبنان من ايام الرئيس رفيق الحريري الذي جرى محاصرته عبر الرئيس أميل لحود ، ونفس الشيء حصل مع الرئيس سعد الحريري في ولاية الرئيس ميشال عون ، وما يجري اليوم من قبل الثنائي الشيعي مع الرئيس نواف سلام يأتي في نفس السياق الذي كان ثمنه الانهيار السياسي والاقتصادي والأمني في لبنان.

ويبدو ان الثنائي الشيعي الذي استمرأ التطاول على مقام رئاسة الحكومة طوال عقود بفعل الهيمنة السورية السابقة على لبنان ، وبعد وضعه اليد على الدولة بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري ، لايدرك او لا يريد الاعتراف بالمتغيرات السياسية والأمنية والأقليمية التي حدثت في لبنان بعد العدوان الاسرائيلي في شهر ايلول 2024، وما تلاه من متغيرات في الوضع السوري الذي قلب الأمور رأسا على عقب في لبنان والمنطقة بعد سقوط نظام بشار الأسد ، ولذلك يتصرف بهذه الطريقة لعل وعسى يحقق ماكان يحققه في السابق من مثل هذه التصرفات سواء على الصعيد الداخلي أو على الصعيد الخارجي.

إلا أن القراءة السياسية للمتغيرات العسكرية والسياسية في المنطقة تقول بعكس ما يعمل عليه الثنائي الشيعي في لبنان ، فالحكومة اللبنانية برئاسة الرئيس نواف سلام تحظى بالدعم الدولي والعربي وعلى كل المستويات ، ولبنان الذي يحتاج الى المساعدات الاقتصادية والمالية مطلوب منه الالتزام بالشروط الدولية والعربية وابرزها حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية ، وبغير ذلك لا مساعدات بل مراوحة تبقي لبنان على ما هو عليه ، ويبدو أن الثنائي الشيعي يراهن على ابقاء الأمور على ماهي عليه في المرحلة الحالية والمرحلة القادمة أيضا لعل وعسى تحدث متغيرات ما في المنطقة ، وهذا رهان سوف يكلف لبنان كثيرا على كل المستويات.

بالخلاصة لبنان أما فرصة للخروج من ازماته اذا خلصت النوايا ، اما اذا استمرت مراهنات البعض على متغيرات اقليمية ودولية ، فإن لبنان واللبنانيين سيدفعون ثمنا غاليا في قادم الأيام.

موقع مجلة الأمان
خلاف الثنائي الشيعي مع الرئيس نواف سلام ... هل هو لمصلحة لبنان واللبنانيين ؟ _بسام غنوم