تفوُّق فلسطيني وإحباط إسرائيلي؟ _


د. فاديا كيروز

تابعتُ بكثير من الإهتمام مشاهد تنفيذ صفقة تبادل الأسرى الفلسطينيين والرهائن الإسرائيليين في غزة، ولاحظتُ الفارق الكبير بين الروح المعنوية العالية لدى الفلسطينيين، رغم نسبة الدمار الهائلة في مختلف مدن القطاع، وبين حالة الإحباط التي تُهيمن على الجانب الإسرائيلي، رغم كل إدعاءاته بتحقيق الإنتصار .
وفيما أحسن الفلسطينيون تنظيم عمليات إطلاق الرهائن، وإيصال رسائلهم، عبر الإعلام المصور إلى أنحاء المعمورة، وخاصة إلى الشعوب التي ناصرت قضيتهم، وخرجت إلى شوارع المدن الكبرى في أميركا وأوروبا بتظاهرات مليونية، بأن معاملتهم للأسرى كانت بمنتهى المعايير الإنسانية، التي حفظت كراماتهم وأرواحهم، بإستثناء من قضى منهم بالقصف الإسرائيلي الوحشي على الأحياء المدنية، كانت إدارات السجون الإسرائيلية تُمعن حتى اللحظة الأخيرة في المماطلة في تنفيذ إجراءات الإفراج عن المساجين الفلسطينيين، وتمنع الإعلام من الإقتراب من السجون، بتدابير زجرية، لا تقيم وزناً لأدنى مبادئ الحرية الإعلامية.
لقد شاهدنا المجندات الإسرائيليات الأربع اللواتي أُطلق سراحهن يوم السبت الماضي، وهنّ في حالة نفسية مريحة، يقفن على المنصة لتحية الجمهور المحتشد أمام عدسات التلفزة العالمية، ويرتدين الزي العسكري ويمشين بين الغزاويين لركوب سيارات الصليب الأحمر، دون أن يتعرّضن لأدنى المضايقات الشخصية.
في حين خرج مئات الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية في حالة يرثى لها من التجهيز والتنظيم، وتصرفت السلطات الإسرائيلية وكأنها تقوم بعمل سرّي، تخجل من إعلانه أمام مواطنيها والرأي العام العالمي، حتى لا تقر وتعترف بهزيمة حربها الجائرة والوحشية، على قطاع غزة طوال خمسة عشر شهراً، دون أن تتمكن من الوصول إلى الرهائن، والقضاء على حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى، رغم كل التدمير الممنهج والوحشي الذي تعرضت له مدن القطاع، وتجاوز القوانين والأعراف الدولية في عدم التعرض للمدنيين في الحروب العسكرية.
كنا نعتقد حتى الأمس القريب، أن الإعلام الصهيوني أكثر تفوقاً على الإعلام العربي، نظراً للقدرات المتوفرة للأول، وللسيطرة الصهيونية المعروفة على كبريات المؤسسات الإعلامية في أميركا وأوروبا، ولكن ما يجري في غزة أعاد بعض الثقة بالقدرات العربية، وبإمكانية تفوقها في مخاطبة الرأي العام العالمي.
تدمير غزة إدانة إنسانية شاملة للوحشية الإسرائيلية،
ودمار غزة يبقى وصمة عار في تاريخ المجتمع الدولي الذي عجز عن إيقاف مجازر العدوان الصهيوني الهمجي.

صحيفة اللواء
تفوُّق فلسطيني وإحباط إسرائيلي؟ _ د. فاديا كيروز