د. محمد إبراهيم المدهون
إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية ليست مجرد خطوة سياسية، بل هي مسار لتوحيد الشعب الفلسطيني بكل فصائله وشرائحه، وتحقيق تمثيل حقيقي للداخل والخارج. من خلال إصلاح هيكلها وتفعيل دور الجاليات الفلسطينية، وتعزيز الشراكة بين الفصائل، نعيد للمنظمة مكانتها كممثل شرعي وموحد للشعب في مواجهة الاحتلال. إنها ضرورة تاريخية لبناء قيادة ديمقراطية عادلة، تعكس تطلعات الفلسطينيين في العودة والحرية، وتؤسس لجبهة قوية قادرة على التصدي لكل التحديات.
إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية بشكل ديمقراطي وعادل هو خطوة أساسية نحو تحقيق وحدة وطنية حقيقية. هذا التوجه يستهدف تعزيز تمثيل جميع فصائل الشعب الفلسطيني، سواء في الداخل أو في الخارج، وتوحيد الجهود في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. لا يمكن للمنظمة أن تكون ممثلة فعالة إذا لم تشمل كافة التوجهات السياسية الفلسطينية، بما في ذلك الفصائل المقاومة مثل حماس والجهاد الإسلامي. لذلك، من الضروري أن تبدأ عملية الإصلاح بإعادة هيكلة اللجنة التنفيذية وتنظيم انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني، تشمل جميع المناطق الفلسطينية الداخلية والشتات. إلغاء نظام الكوته واعتماد مبدأ التمثيل الجغرافي والجماهيري يعزز من الديمقراطية داخل المنظمة، ويعيد لها اعتبارها كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.
إصلاح منظمة التحرير ينبغي أن يشمل بناء شراكة سياسية حقيقية بين الفصائل الفلسطينية، بحيث يتم إقرار اتفاقات شراكة تضمن تمثيلًا عادلًا للجميع، بما في ذلك القوى الإسلامية والمستقلين. إعادة صياغة البرنامج السياسي للمنظمة يجب أن تشمل قضايا أساسية مثل حق العودة وتقرير المصير، مع الحفاظ على القدس عاصمة الدولة الفلسطينية. هذا البرنامج ينبغي أن يتوافق عليه الجميع ويجمع بين التوجهات الوطنية المختلفة، ويعكس تطلعات الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.
من جهة أخرى، تعزيز دور الجاليات الفلسطينية في الخارج يعد أمرًا بالغ الأهمية. يجب تنشيط هذه الجاليات وتفعيل دورها في الدعم السياسي والاقتصادي للقضية الفلسطينية. كما ينبغي تشجيع منظمات المجتمع المدني الفلسطينية، مثل المنظمات العمالية والطلابية والنسائية، على الانخراط في العمل السياسي من خلال انتخابات ديمقراطية وشفافة.
أيضًا، يجب معالجة الهيمنة الفردية داخل منظمة التحرير، بحيث تكون السلطة موزعة بين مختلف الفئات الفلسطينية، بما في ذلك الشباب والنساء والمستقلين. وهذا يتطلب تغييرات في طريقة اتخاذ القرارات داخل المنظمة، بحيث تكون أكثر توافقًا مع احتياجات الشعب الفلسطيني.
على الصعيد الإقليمي والدولي، من المهم بناء علاقات أقوى مع الأنظمة والحركات العربية، وتعزيز الشراكات مع القوى الإسلامية العالمية. كما يجب تعزيز حضور فلسطين في المحافل الدولية، مما يساهم في زيادة الدعم الدولي للقضية الفلسطينية ويعزز من موقف منظمة التحرير في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
الخلاصة أن إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية يتطلب خطة شاملة تشمل الإصلاح السياسي، الهيكلي، والتمثيلي، بحيث تكون المنظمة ممثلًا شرعيًا وقويًا لجميع فئات الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج. هذا الإصلاح سيعزز من وحدة الشعب الفلسطيني ويجعل المنظمة أكثر قدرة على التصدي للتحديات الداخلية والإقليمية والدولية.
صحيفة الشرق القطرية