بعد تزايد خروقات وقف اطلاق النار... هلتصمد الهدنة بين حزب الله وإسرائيل_ بسام غنوم


بسام غنوم

مازال الوضع على توتره في جنوب لبنان تحديدا بسبب الخروقات الإسرائيلية المستمرة لوقف إطلاق النار والتي بلغت اكثر من 50 خرقا في الأيام القليلة الماضية ، وبعد قيام حزب الله بالرد على الخروقات الإسرائيلية عبر استهداف موقع رويسات العلم في مزارع شبعا المحتلة بصاروخين ، قام الجيش الاسرائيلي بعدة غارات على القرى في الجنوب ومنطقة أقليم التفاح مما ادى الى سقوط تسعة شهداء وعدد من الجرحى جراء الغارات الاسرائيلية ، وقال الجيش الاسرائيلي إن هذه الغارات هي رد على قصف حزب الله لمنطقة مزارع شبعا ، ولم تقتصر الخروقات على القرى الواقعة قرب الشريط الحدودي مع فلسطين المحتلة ، بل امتدت الى البقاع وصولا الى الضاحية الجنوبية و العاصمة بيروت حيث كانت اصوات المسيرات الاسرائيلية تسمع بوضوح في الاجواء.

هذا الوضع اثار مخاوف اللبنانيين والوسطاء الأميركيين والفرنسيين من إنهيار وقف اطلاق النار في لبنان ، لذلك سارع البنتاغون الى التأكيد على ثبات وقف اطلاق النار ، وكذلك فعل الجانب الفرنسي ، وترى مصادر سياسية مطلعة أن التعويل سيكون على المظلة الدولية التي ظللت الإتفاق، وبناء عليه يُنتظر وصول الممثل الفرنسي الجنرال غيوم بونشان داخل لجنة مراقبة تطبيق الإتفاق إلى لبنان، بعد أن وصل رئيس اللجنة الجنرال الاميركي جاسبر جيفيرز منذ أيام الى لبنان، مشيرة إلى أن عمل اللجنة يُفترض أن ينطلق هذا الأسبوع، وهناك وعود أميركية وفرنسية بوقف الخروقات الإسرائيلية.

والسؤال الذي يطرح نفسه في في ظل هذا الوضع هو : هل تصمد الهدنة في لبنان مع استمرار اسرائيل في خروقاتها اليومية في جنوب لبنان والبقاع وحت في الضاحية الجنوبية والعاصمة بيروت ؟

لا يمكن في اي حال من الاحوال التعويل على ما يقوله العدو الإسرائيلي من التزامه بوقف اطلاق النار طالما حزب الله ملتزم بعدم خرق الاتفاق ، وذلك للأسباب التالية :

-منذ الاعلان عن وقف اطلاق النار فجر يوم الاربعاء 27-11-2024 والعدو الإسرائيلي يتمادى في خروقاته واعتداءاته على الجنوبيين الذين حاولوا العودة الى قراهم ، ومازال مستمرا في تفجير وهدم البيوت والمنازل في يارون ومركبا وكفركلا وفي مدينة الخيام وغيرهما ، ولم يسلم منه حتى المدنيين والطواقم الطبية التي سقط منهم عدد من الشهداء في الايام القليلة الماضية.

-التأخير المتعمد او الغير مقبول في تشكيل لجنة مراقبة تطبيق الإتفاق الدولية حتى الآن من قبل الولايات المتحدة الاميركية الراعية لاتفاق وقف اطلاق النار، وهو ما يمنح العدو الاسرائيلي فرصة التمادي في خروقاته لوقف اطلاق النار ، ولذلك يجب بصورة سريعة وملحة تشكيل لجنة مراقبة الإتفاق الدولية والتي تضم إضافة الى الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا، ممثل عن قوات اليونيفل ، وممثل عن الجيش اللبناني ، وممثل عن الجيش الاسرائيلي.

-عدم وضوح موقف الادارة الأميركية من ما تقوله إسرائيل من انها حصلت على تعهد من الادارة الأميركية في إتفاق وقف اطلاق النار ، بالسماح لها في استهداف عناصر ومواقع حزب الله في الجنوب و غيره من المناطق اللبنانية ، وهذا يستلزم امرين الاول ضرورة تأكيد الادارة الأميركية بعدم وجود مثل هذا التعهد ، واما الامر الثاني فهو إطلاع الرأي العام اللبناني على طبيعة وقف اطلاق النار بين لبنان واسرائيل ، لأنه حتى الآن لا أحد غير حزب الله والرئيس بري وأميركا وإسرائيل يعرف ما هو المضمون الحقيقي لإتفاق وقف اطلاق النار، وقد اكد ذلك النائب جميل السيد وغيره من النواب اللبنانيين ، وبالتالي يجب اطلاع الرأي العام اللبناني على حقيقة اتفاق وقف إطلاق النار حتى لا تبقى الخروقات الاسرائيلية مستمرة ومشرعة.

-الوحدة الوطنية التي تجلت بين اللبنانيين خلال العدوان على لبنان منذ ال23-9-2024 ، هي الكفيلة بحماية لبنان ، وأما العودة الى سياسة التسويات من تحت الطاولة بين الاميركيين والاسرائيليين وبعض المسؤولين اللبنانيين ، فإن ذلك سيكون أقرب وصفة للخراب في لبنان مجددا ، فما كان قبل العدوان على لبنان من إنهيار سياسي واقتصادي تحت عناوين مختلفة ، لايمكن ان يستمر بعد إنتهاء العدوان على لبنان ، وأي تسوية سياسية بعيدة عن مقتضيات الوحدة الوطنية بين اللبنانيين لن يكتب لها النجاح في ظل المتغيرات السياسية والاقليمية المتوقعة في المنطقة مع قدوم الادارة الاميركية الجديدة برئاسة دونالد ترمب ، وما تشهده سوريا حاليا ابرز مؤشر على هذه المتغيرات.

بالخلاصة يمكن القول يجب معالجة أسباب الخروقات الإسرائيلية بصورة سريعة ، حتى لايقوم العدو الإسرائيلي بإستغلالها للعدوان مجددا على لبنان ، وهذا يستلزم كشف وتوضيح إتفاق وقف اطلاق النار للبنانيين ، وكذلك الإسراع في إنجار الإنتخابات الرئاسية وتشكيل حكومة لبنانية جديدة بعيدا عن التسويات السياسية السابقة التي أوصلت لبنان إلى الخراب ، وقد كشف العدوان الإسرائيلي على لبنان ان الوحدة الوطنية بين اللبنانيين هي فقط التي يمكنها حماية المقاومة وحماية لبنان.

موقع مجلة الأمان
بعد تزايد خروقات وقف اطلاق النار... هل تصمد الهدنة بين حزب الله وإسرائيل_ بسام غنوم