صلاح سلام

عراضات الدراجات النارية الإستفزازية في شوارع العاصمة وضواحيها الشرقية، تصرّف صبياني غير مسؤول، خاصة في التوقيت الذي حصل فيه مساء يوم مشرف في مسيرة التصدي للإحتلال الإسرائيلي في القرى الجنوبية.

الواقع أن هذا التصرف المشين أساء لأصحابه أكثر بكثير من محاولة ترهيب الشركاء في الوطن، وتحدي أمنهم وخصوصياتهم في عقر دارهم.

ولعل أسوأ نتائج العراضات المفاجئة تكمن في تشويه مشهدية تصدي أهالي القرى الجنوبية بصدورهم لرصاص جيش الإحتلال الإسرائيلي، وإصرارهم على العودة إلى قراهم المدمرة، صبيحة إنتهاء مهلة الستين يوماً، التي نص عليها إتفاق وقف النار في ٢٦ تشرين الثاني الماضي.

لقد كتبت أرواح ٢٢ شهيداً ودماء ١٢٤ جريحاً صفحات مجيدة في تاريخ الجنوب الصامد بوجه أعتى جيوش الإحتلال، وأصرت المئات من العائلات الجنوبية على إقتحام المعوقات التي وضعها جيش الإحتلال، للوصول إلى منازلهم المهدمة، وتنشّق روائح الأرض المروية بدماء الشهداء، الذين مازالت أجسادهم تحت الأنقاض، ملتصقة بالأرض التي أحبوها حتى الشهادة.

إن تعنت الإحتلال الإسرائيلي على تأجيل الإنسحاب إلى ١٨ شباط بتغطية أميركية سافرة، يفرض على الأفرقاء السياسيين تسهيل مهمة الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة، لتسريع خطى التأليف، لأن الأوضاع المتردية في البلد تتطلب وجود حكومة كاملة الصلاحيات، وقادرة على خوض معركة ديبلوماسية حاسمة في الأمم المتحدة والمحافل الدولية الأخرى، لإجبار العدو على الإنسحاب الكامل في نهاية المهلة الممددة، وعدم إفساح المجال لتمديد ثانٍ، قد يعقبه تمديد ثالث، وبالتالي يتحول الوجود المؤقت إلى إحتلال دائم.

كما أن عراضات الدراجات النارية كشفت بإستفزازاتها، هشاشة الوضع الأمني، وحاجة البلد إلى جرعات جديدة من التضامن الوطني، بعدما أطاحت جحافل الشباب المتفلت، بكل ما تحقق من تماسك وتضامن على المستوى الوطني،إبان الحرب الإسرائيلية، في مواجهة كارثة النزوح من الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، صفاً واحداً ويداً واحدة، ومساهمة كل الأطياف في توفير الإيواء، وتقديم المساعدات.

ومعالجة الهشاشة الراهنة في الوضع الأمني تتطلب وجود حكومة متماسكة في التصدي لمحاولات اللعب بنار الأمن والإستقرار في البلد، في مرحلة محفوفة بشتّى المخاطر، الداخلية والاقليمية.

إن حزب الله يتحمل مسؤولية مضاعفة في تسهيل الولادة الحكومية، ومنع مظاهر التوتر الأمني في الشارع، حتى يتمكن العهد الجديد من التصدي لأخطار الإحتلال، وإطلاق ورشة الإنقاذ والإعمار.