الربيع الغربي _ أحمد الغز


أحمد الغز

العالم يتغير بسرعة مذهلة تجعل الإنسان لا يشعر بحدوث ذلك التغيير، تحول الإعلام المباشر إلى مرآة باردة تنقل الأهوال لحظة بلحظة، وتضعنا في موقع المتفرّج على الحروب والمجازر وكأنها أفلام سينمائية، أصبح مشهد الدم جزءا من روتين الأخبار، وكأننا نعيش في عالم افتراضي، لقد نجح الإعلام الحديث في تحويل المأساة إلى مشهد، والحدث إلى صورة، فاختلط الواقع بالوهم، وتلاشت الحدود بين الخبر والرواية، وبين الحروب والأفلام.

المجتمعات الغربية تشهد صحوة سياسية انسانية جديدة وما يمكن تسميته (الربيع الغربي)، الذي اعاد إلى الوعي الغربي دروس ومرارات الحربين العالميتين الأولى والثانية، وحول الشارع الغربي إلى مجلس امن انساني وسلطة معنوية تضغط على الحكومات وتعيد تعريف الشرعية على أساس الإرادة الشعبية، والربيع الغربي نجح في احداث تحول عميق في منظومة القيم، الشعوب في أوروبا وأميركا بدأت تخرج من صمتها لتواجه ازدواجية المعايير التي شوهت القيم الإنسانية وأفرغت مواثيق الأمم المتحدة من مضمونها.

مظاهرات الربيع الغربي استطاعت أن تعيد الاعتبار للضمير الإنساني، وأن تذكر العالم باحترام حقوق الإنسان، ومن رحم تلك التظاهرات، انطلقت اساطيل التضامن والحرية لتحدث التحولات السياسية التي جعلت قادة العالم يبادرون إلى الاعتراف المتزايد بالدولة الفلسطينية، وإلى إطلاق المبادرات الدولية الساعية لوقف المجاعة والإبادة الجماعية، ومن قلب الشارع الغربي ولدت فكرة السلام الجديد الذي يتبناه معظم قادة العالم اليوم.

نجاح اجتماعات شرم الشيخ حول وقف اطلاق النار ودعوة الرئيس المصري الرئيس الاميركي لزيارة القاهرة والتوقيع على الاتفاق، حركت اجتماعات باريس بين وزراء خارجية الدول الأوروبية والعربية والإسلامية المنخرطة في العملية السلمية، وكلمة الرئيس الفرنسي في افتتاح الجلسة التي تضمنت الاعلان عن مجموعة عمل دولية اقليمية حول السلام في الشرق الاوسط انطلاقا من مبادرة الرئيس الاميركي، توحي باننا قد نشهد قمة رفيعة المستوى في القاهرة بحضور الرئيس الأميركي وقادة الدول الاوروبية والعربية والاسلامية، لتكون أشبه بمؤتمر مدريد جديد حول اليوم التالي، وقد نشهد اطلاق مبادرات جديدة لتحريك العديد من ملفات المنطقة العالقة وفي مقدمتها الواقع المعقد في كل من سوريا ولبنان.

صحيفة اللواء
 

الربيع الغربي _ أحمد الغز