أحمد الغز
الدولة المعلقة هي دولة مكتملة من حيث الشكل لديها ارض وشعب ودستور ومؤسسات واعتراف دولي، لكنها فاقدة القدرة على بسط السيادة واحتكار قرار الحرب والسلم، هي دولة لا تنهار ولا تتقدم، وتدار بالتسويات والحوارات كبديل دائم عن قواعد الانتظام العام.
الدولة اللبنانية المعلقة نضجت مع أحداث 1975، حين عجزت الدولة عن احتواء العنف، ما فتح الباب أمام أول طاولة حوار وطني في بيروت 1976، بحضور رئيسي الجمهورية والحكومة وإنتاج وثيقة إصلاح سياسي في غياب دولة قادرة على تنفيذها، وبعد متغيرات قوى النزاع ما بعد حرب 1982، انتقل لبنان إلى حوارات جنيف 1983 ولوزان 1984، والعودة الى الدولة المعلقة.
الاتفاق الثلاثي عام 1985 جسد ذروة عجز الدولة امام موازين القوة المسلحة، أما اتفاق الطائف في 22 تشرين الأول 1989، أنهى حروب الاشقاء واعترضته تحولات وتحديات من اغتيال رئيس الجمهورية وانتخاب رئيس في تشرين الثاني 1989، احتلال الكويت 1990 وحرب عاصفة الصحراء، ومؤتمر مدريد للسلام 1991، ومقاطعة انتخابات نيابية مبكرة 1992، تمديد رئاسي 1995 وحرب عناقيد الغضب وتفاهم نيسان 1996، انتخابات رئاسية واعادة تكوين سلطة الدولة المعلقة 1998، وبقاء الاحتلال حتى 2000.
اغتيال الرئيس رفيق الحريري 2005 وخروج الوصاية السورية، أطلق حوار المجلس النيابي 2006 حول السلاح والمحكمة الدولية، وحرب تموز 2006 والتصدع الحكومي والاعتصامات وحوار سان كلو 2007، أحداث 7 أيار وحوار الدوحة 2008 وترميم تصدعات الدولة المعلقة، حوار القصر الجمهوري حول الاستراتيجية الدفاعية 2009 -2012 والنزاع السوري أنهى الحوار.
يشهد لبنان محاولة جدية لإنهاء تراكمات الدولة المعلقة، في ظل دعم عربي ودولي، بعد ان تحول الحوار اللبناني- اللبناني في السنوات الاخيرة إلى حوار يدار عبر الوسطاء، وكل مبعوث دبلوماسي يحرص على استمزاج آراء مختلف الأطراف والتقاط هواجسهم وتفادي الانهيار.
لبنان اليوم أمام تحول تأسيسي قلق أيقظ هواجس 1861 والتباسات 1920 وهلوسات 1975 وتمنيات 1989 ومتاهات 2005، مما يضع كل اللبنانيين امام خيار الانتقال من دولة الاوهام والعصبيات وادارة الأزمات إلى دولة المواطنة والقانون والمؤسسات، او البقاء في الدولة اللبنانية المعلقة.
صحيفة اللواء