بسام غنوم
تغرق الساحة السياسية في لبنان في خضم جدل كبير حول ملفات داخلية مثل موضوع إضاءة صخرة الروشة ، والخلاف المستجد في مجلس الوزراء حول سحب ترخيص جمعية رسالات التابعة لحزب الله وهي الجهة صاحبت الترخيص بإحتفال الروشة الشهير ، وكذلك موضوع قانون الانتخابات النيابية الذي يشهد خلافات كبيرة بين مختلف الأطراف السياسية على بعد ما يقارب من 7 أشهر من موعد الانتخابات .
واللافت أن هذه الخلافات " الحامية الوطيس " بين مختلف الأطراف السياسية والحزبية اللبنانية ، وعلى صعيد العلاقات بين رئيسي الجمهورية والحكومة ، أنها تجري فيما المنطقة تعيش هما آخر أكثر جدية وهو موضوع وقف إطلاق النار في غزة الذي دخل في مسار حساس بعد إعلان حركة حماس موافقتها على مبادرة ترمب بشروط معينة ، مما أعاد الحياة مجددا الى ملف التفاوض بين حركة حماس والعدو الاسرائيلي بعد أن توقفت المفاوضات بعد العدوان الاسرائيلي على العاصمة القطرية الدوحة والذي كان يستهدف القضاء على قيادة حماس.
في هذا الإطار تثور تساؤلات حول جدية أو بالأحرى طبيعة الخلافات الجارية على الساحة اللبنانية ، هل هي خلافات صحية الهدف الاساسي منها حماية الأمن و الإستقرار في لبنان ، أم هي مجرد خلافات لتضييع الوقت ليس إلا بإنتظار تطورات ما ؟
وفي هذا الإطار لا بد من تسجيل نقطة اساسية وهي طبيعة الخلاف حول قانون الإنتخابات النيابية قبل ما يقارب ال 7 أشهر من موعدها ، فقد أظهرت الخلافات حول قانون الإنتخابات في مجلس النواب وخصوصا حول موضوع إقتراع المغتربين والذي فجر جلسة مجلس النواب الأخيرة ، أن هناك فريقين في مجلس النواب ، فريق يسعى لإبقاء الوضع على ما هو عليه بحيث يكون المجلس النيابي القادم على شاكلة المجلس النيابي الحالي بما يسمح للثنائي الشيعي بالتحكم باللعبة السياسية كما يحلو له ، وفريق يريد إحداث تغيير حقيقي في مجلس النواب بما يتماشى مع المتغيرات في رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ، مما يسمح بتشكيل مجلس نواب جديد مختلف كليا عن المجلس الحالي وقيام دولة القانون في لبنان.
وبغض النظر عن هذا الخلاف المستحكم حول قانون الانتخاب ، فإن ما يجري على صعيد الخلاف بين رئاسة الحكومة وحزب الله لايبشر بالخير ، فحزب الله على مايبدو يريد تهشيم صورة رئيس الحكومة نواف سلام بكل السبل الممكنة سواء عبر الحملات الإعلامية ، أو عبر الحملات السياسية وكذلك على الصعيد الشعبي عبر اشغال مجلس الوزراء بأمور مثل سحب الترخيص لجمعية رسالات تحت عنوان أن الرئيس نواف سلام يستهدف حزب الله والبيئة الشيعية من أجل تنفيذ مخطط أميركي – صهيوني ، والمراقب لطبيعة الحملات الإعلامية والسياسية على الرئيس سلام يدرك بما لامجال للشك ، أن ما يجري ليس بريئا انما هو مخطط مدروس بدقة.
وفي هذا الإطار كان لافتا تصريح عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله، خلال احتفال تأبيني في بلدة تبنين، حيث أعتبر إنّ اداء الحكومة «يزيد الشرخ بينها وبين الناس». وسأل: «ماذا يوجد على بنود مجلس الوزراء؟ إجراءات وزارة العدل بموضوع الروشة، وسحب ترخيص جمعية «رسالات»، وتقرير الجيش حول حصرية السلاح. فهذه الحكومة تتصرّف بهذه العقلية. صحيح أنّ عمرها قصير من الآن إلى الانتخابات، ونحن نريد للانتخابات أن تجري في موعدها، لأنّ هناك من يسعى لتأجيلها، إما لإطالة عمر هذه الحكومة أو لحسابات داخلية».
بدوره رئيس الحكومة نواف سلام رد على الحملات التي تستهدفه بالقول : «ضميري مرتاح، وهذه الحملات المغرضة لا يمكن أن تغيّر شيئًا في مسيرتي. فلا يستطيع أحد أن يشكّك في عروبتي ومواقفي الثابتة تجاه القضية الفلسطينية، التي دافعت عنها من على أعلى المحافل الدولية، من دون أن أحمّل لبنان أي ثمن في ذلك».
وأضاف : " مشروعنا كان ولا يزال إعادة بناء الدولة. وكما أنّه لا دولة واحدة إلّا بجيش واحد، فكذلك لا دولة واحدة إلّا بقانون واحد يُطبَّق بالتساوي على الجميع، ولا يكون أحد فوقه وخارجًا عن المساءلة والمحاسبة".
خلاصة القول لبنان يغرق في خلافات داخلية هامشية فيما المنطقة مقبلة على تحولات قد يدفع ثمنها لبنان غاليا . وحسب ما يرى كثير من المراقبين السياسين فإن الذهاب إلى وقف الحرب في غزة، سيعني تفرّغ نتنياهو لـ«حزب الله» وإيران، وهو ما يعيد رفع احتمالات الحرب على لبنان . فهل يتوقف المسؤولون في لبنان عن الاعيبهم السياسية من أجل مصلحة لبنان واللبنانيين ؟
موقع مجلة الأمان