الإنتخابات البلدية والشعبويات البيروتية _ صلاح سلام


صلاح سلام

الضجة المفتعلة التي أُثيرت ضد التعديلات المقترحة لقانون الإنتخابات البلدية، لا تقلل من أهمية التمسك بمبدأ المناصفة، وإدخال الإصلاحات المطلوبة لنظام محافظة بيروت، بما يحقق بعض التوازن في الصلاحيات بين المجلس البلدي والمحافظ، كما ورد في مشروع القانون المعجل المكرر الذي قدمه عدد من نواب العاصمة، وتم طرحه في الجلسة النيابية التشريعية أمس.
مبادرة رئيس الحكومة بسحب كل مشاريع التعديل لقانون الإنتخابات البلدية في بيروت لمزيد من الدرس، ولإعداد مشروع موحد يحفظ وحدة بيروت البلدية والإجتماعية، ويحفظ رمزية العاصمة الوطنية التي تختزل النسيج اللبناني بكل أطيافه، وبمختلف ألوانه السياسية، بعيداً عن صخب المزايدات الشعبوية الفارغة، والحملات التحريضية التي تستهدف تشويه صيغة العيش الوطني المشترك التي صانتها بيروت في أصعب ظروف الحرب البغيضة.
الحفاظ على أسس الميثاق الوطني في بلدية بيروت ليس منّة من أحد، ولا هو مجاملة لأحد، ولا حكراً على طرف دون الأطراف الأخرى، بقدر ما هو خيارٌ وطنيٌّ، يرقى إلى مستوى القدر الذي جمع اللبنانيين، بتنوعهم الطائفي والثقافي، في مدينة كانت تُعتبر في الستينات من القرن الماضي، سيدة العواصم في المنطقة، ومركز التجارة العالمي لمنطقة الشرق الأوسط، وهمزة وصل حضارية بين الشرق والغرب.
الخروج عن سلوك طريق المناصفة التي أرسى قواعدها الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وأعلن عشية أول إنتخابات بلدية بعد إتفاق الطائف، «وقف العد»، وإعتماد المناصفة في المجلس البلدي، يعني إدخال الإنتخابات البلدية في البازارات السياسية الرخيصة، عشية الإنتخابات النيابية في أيار العام المقبل.
وما جرى في المجلس النيابي من نقاش في جلسة أمس، يكشف حساسية الأوضاع البلدية في المدن والقرى المختلطة، خاصة وأن وزير الداخلية أعلن أن الخلافات بين أعضاء في مجالس ٤٠٠ بلدية، معظمها في القرى والبلدات المختلطة، تم حلها، مما يعني أن اللوائح المقفلة يمكن أن تساعد على التخفيف من هذه الخلافات، على إعتبار أن اللوائح الفائزة في الإنتخابات البلدية، تشكل فريق عمل متجانس، ومنسجم بين أعضائه ولو في الحد الأدنى.
وغني عن القول أن الكلام عن الحساسيات الطائفية في الإنتخابات البلدية سيبقى متداولاً، بإنتظار التوصل إلى إلغاء النظام الطائفي المقيت، والإنتقال إلى النظام المدني، القائم على إعتماد الكفاءة والمساواة بين المواطنين، بعيداً عن كل المعايير الطائفية والمذهبية والمناطقية.
فمتى تبدأ رحلة الألف ميل في بناء دولة العدالة والمساواة؟

صحيفة اللواء
الإنتخابات البلدية والشعبويات البيروتية _ صلاح سلام