الإحتفالات السورية في لبنان: بين الحديث عن رسالة والمخاوف؟! _ ماهر الخطيب


ماهر الخطيب

فتحت التحركات التي رافقت الاحتفالات في الذكرى الأولى لرحيل النظام السوري السابق، في بعض المناطق اللبنانية، الباب أمام طرح الكثير من علامات الإستفهام، خصوصاً بعد التوترات الأمنية التي رافقت بعضها، لا سيما أنها تحولت إلى مظاهر إستعراض، يراد من خلالها إرسال رسائل معنية، في ظل واقع إقليمي لم تتضح معالمه بشكل كامل حتى الآن.

في هذا السياق، العنوان الأبرز الذي يُطرح على بساط البحث، يتعلق بالأسباب التي تحول دون عودة من يشعر بالفرح من النازحين بالواقع الجديد إلى بلاده، في ظل الأوضاع الضاغطة في لبنان، وبالتالي إذا لم يعد يرى نفسه مهدداً من الناحية الأمنية، من الأفضل أن يبادر إلى مغادرة لبنان، لا سيما أن ​سوريا​ تحتاج إلى يد عاملة، للمساهمة في إعادة إعمارها من جديد.

ما تقدم، يفتح الباب أمام ضرورة أن تبادر الأجهزة اللبنانية المعنية إلى التشدد أكثر في متابعة هذه المسألة، على إعتبار أن ما بات قائماً هو نزوح إقتصادي، وبالتالي يجب أن ينظم بالشكل الذي يحقق مصالح لبنان واللبنانيين، خصوصاً أن هناك قنوات إتصال مفتوحة مع السلطة الإنتقالية في دمشق، ما يعني القدرة على التعاون في هذا المجال، بعد أن كان هناك محاذير في عهد النظام السابق.

بالعودة إلى التحركات التي شهدتها العديد من المناطق، أول من أمس، تكشف مصادر متابعة، عبر "النشرة"، عن مشاركة مجموعات لبنانية فيها، مؤكدة أنها كانت تحركات منظمة على عكس ما يحاول البعض الإيحاء، لا سيما أن بعض الأجهزة الأمنية كانت على علم مسبق بها، لا بل في بعض النقاط كانت قد بادرت إلى أخذ إجراءات معينة، حتى ولو كان الإطار العام يأتي تزامناً مع الإحتفالات التي شهدتها المدن السورية.

بالنسبة إلى المصادر نفسها، ما حصل هو رسالة إلى من يعنيهم الأمر في الداخل اللبناني، في ظل التحولات التي تشهدها المنطقة، مفادها أن السلطة الإنتقالية في دمشق أو بعض من يقف خلفها من جهات إقليمية، قادر على تحريك الأوضاع على الساحة اللبنانية، في حال تضاربت المصالح، بشكل أو بآخر، بسبب عدم وضوح الصورة التي ستكون عليها المنطقة في المستقبل، خصوصاً أن هناك أرضية جاهزة لذلك.

هنا، تذهب هذه المصادر إلى الحديث عن مشاركة ناشطين لبنانيين بفعاليات تنظم داخل الأراضي السورية، بالإضافة إلى وجود شخصيات لبنانية لديها تأثير في الإدارة الجديدة في دمشق، بعضها وجه، في الأيام الماضية، تحياته إلى المشاركين في التحركات التي أقيمت، من دون تجاهل أن بعض الشخصيات السياسية التي لديها طموح نيابي عمدت، في الفترة الماضية، إلى محاولة فتح قنوات إتصال مع الإدارة الإنتقالية في دمشق، لمعرفة ما إذا سيكون لها توجه ما في الساحة اللبنانية.

في هذا السياق، تكشف مصادر سياسية، عبر "النشرة"، أن هذا الواقع يثير مخاوف لدى العديد من الأوساط المحلية، ليس فقط على المستوى السياسي بل أيضاً على المستوى الأمني، نظراً إلى أن توسع هذه الظاهرة من الممكن أن يمثل عامل إرباك في المستقبل، لا سيما أنها تأتي على وقع إستمرار حالة التشرذم داخل البيئة السنية، الناجمة عن غياب المكون الأساسي فيها، أي ​تيار المستقبل​، مع العلم أن التحركات ترافقت مع إنتشار خبر على مواقع التواصل الإجتماعي، يتحدث عن التوجه نحو حل التيار.

من وجهة نظر هذه المصادر، ما يحصل يتناقض مع الرسائل الإيجابية، التي كانت قد بعثت بها السلطة الإنتقالية في دمشق في الأشهر الماضية، لناحية عدم الرغبة في التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، ما يدفعها إلى طرح الكثير من علامات الإستفهام حول ما إذا كانت هي المسؤولة عنها، أم أن هناك جهات أخرى كان لها مصلحة في إستغلال هذه المناسبة لإرسال رسالة ما.

في المحصلة، تشدد المصادر نفسها على أنه في لبنان ليس هناك من تحركات تنظم بشكل عفوي، لا سيما إذا ما كانت بالحجم الذي برز أول من أمس، الأمر الذي من المفترض أن يكون موضع متابعة دقيقة، خصوصاً أن هناك شبه إتفاق، بين مختلف الفاعلين، على وجود رغبة إسرائيلية في الدفاع نحو صدام داخلي.

موقع النشرة
الإحتفالات السورية في لبنان: بين الحديث عن رسالة والمخاوف؟! _ ماهر الخطيب