جو رحال
في مستهل ولايته الثانية، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب حزمة قرارات مثيرة للجدل تعكس استمرار نهجه القائم على تغليب المصالح الأميركية، ولو كان ذلك على حساب التعاون الدولي. هذه السياسات، التي شملت رفع العقوبات عن المستوطنين الإسرائيليين، الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ ومنظمة الصحة العالمية، وتشديد الإجراءات الداخلية، وسبق أن انسحب في ولايته الأولى من الاتفاق النووي الايراني، كل هذه الإجراءات تنذر بتحولات جذرية ستعيد تشكيل النظام العالمي.
بالنسبة لقرار رفع العقوبات عن المستوطنين الإسرائيليين فهو انعكاس لدعم الاستيطان وانحياز للسياسة الإسرائيلية، هذه الخطوة، تدفع الولايات المتحدة باتجاه عزلة دبلوماسية أميركية أضف لذلك تشديد سياسات الهجرة وإلغاء تشريعات تدعم حقوق الأقليات، مما يعزز الانقسامات الاجتماعية داخل الولايات المتحدة، في حين تعكس هذه الخطوات رؤية أحادية قد تؤثر سلباًًً على علاقات واشنطن بدول الجوار، والعالم.
كما أن انسحاب ترامب من اتفاقية باريس للمناخ، منظمة الصحة العالمية والاتفاق النووي الايراني، من جهة يشدد بذلك على مبدأ "أميركا أولاً" ويوجه ضربة قاسية للتعاون الدولي مهدداً بذلك الجهود العالمية لمعالجة أزمة الاحتباس الحراري، ويُضعف القدرة الدولية على مواجهة الأوبئة.
ومن جهة أخرى يفتح الباب أمام الصين لتوسيع نفوذها في هذه الملفات الحيوية. أما فرض تعريفات جمركية جديدة على الصين والاتحاد الأوروبي فيمثل سياسة تهدد استقرار الاقتصاد العالمي وتؤجج النزاعات التجارية. كما أنها تشكل تحدياً جوهرياً لقواعد العولمة، لا سيما في ظل المخاوف المتزايدة بشأن تأثير هذه الإجراءات على اقتصادات الدول النامية.
في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة تحديات مشتركة، جاءت قرارات ترامب الأخيرة لتدفع الولايات المتحدة نحو عزلة متزايدة، فهل نشهد على تحولات بنيوية تقلل من الهيمنة الأميركية وإعادة هيكلة النظام العالمي، أم أنها مجرد مرحلة انتقالية ضمن إعادة تموضع الولايات المتحدة كفاعل رئيسي على الساحة الدولية؟
صحيفة نداء الوطن