بسام غنوم
يعيش أزلام النظام السوري في لبنان في ظل حالة من الانفصام في الشخصية إن صح التعبير، فهم بين غير مصدق لسقوط النظام السوري وانتصار المعارضة السورية برئاسة رئيس هيئة تحرير الشام أحمد الشرع ، وبين الانقلاب في المواقف على نظام بشار الأسد خصوصا بعد انكشاف جرائمه المروعة بحق الشعب السوري خاصة ألولا ، وما كان يفعله في لبنان بحق المعارضين للنظام السوري ثانيا ، وكذلك ما كان يطلبه من أزلامه في لبنان من ارتكاب جرائم بحق لبنان واللبنانيين ومنها جريمة أغتيال الرئيس الحريري ، وغيره من الزعماء اللبنانيين ، ومنها أيضا على سبيل المثال لا الحصر جريمة تفجير مسجدي التقوى والسلام في طرابلس قبل 11 سنة ، والتي استعمل فيها عميله ميشال سماحه وسقط فيها قرابة الخمسين شهيداً و800 مصاب بقي كثيرون منهم بإعاقات دائمة، ليُسجِّل الطرف نفسه جريمة إضافية بحقّ طرابلس التي طالتها منه مجازر أخرى، لعلّ أبرزها مجزرة التبانة عام 1986 وبلغ عدد ضحاياها ما يزيد عن الألف شهيد من الرجال والأطفال والنساء سقطوا على مدى أيام متتابعة وهي تأبى الاندثار أو النسيان.
هذا النظام المجرم الذي كان يستبيح الدماء والحرمات والمقدسات في لبنان وسوريا، وبعد سقوط النظام على ايدي قوات المعارضة السورية ، بدأت تتكشف للسوريين والعالم أجمع بعضا من جرائمه على يد أبرز أزلامه في لبنان وئام وهاب ، الذي كشف المستور كما يقال عن جرائم هذا النظام فهو أعترف في مقابلة مع محطة الجديد التلفزيونية أن "بشار الأسد طلب مني عام 2012 ان افتعل مشكلة في الجبل مع (الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي) وليد جنبلاط وانا رفضت الدخول في فتنة".
ولم يكتف بذلك بل أكد أن نظام بشار الأسد كان عنده معامل لإنتاج المخدرات وتصنيعها ويشرف على تصديرها للدول العربية وللعالم هو وأخوه ماهر الأسد ، وقال وهاب أن "معامل الكبتاغون "غلطة كبيرة" وهي مسألة لا أخلاقية لكن لم يكن له حل مع بشار".
وهنا نسأل السؤال التالي : ماذا بعد سقوط نظام بشار الأسد وانكشاف دوره في خراب لبنان ؟
يعتقد البعض من عملاء نظام الأسد أنهم عبر الإعتراف بجرائم النظام السوري السابق وماكان يفعله في لبنان ، وما كان يطلبه منهم ، أنهم بذلك يبرؤون أنفسهم من جرائم هذا النظام ، ومن كل ما تسبب به من أذى وقتل وتدمير ، أولا بحق الشعب السوري ، وثانيا بحق لبنان واللبنانيين .
لكن واقع الحال لا ينسجم مع هذه المقولة فجرائم القتل والإغتيال التي حدثت في لبنان طوال السنوات السابقة على يد النظام السوري وعملاءه يجب الكشف عنها ومحاسبة المسؤولين عنها امام القضاء اللبناني ، الذي يجب أن يتحمل مسؤوليته بشجاعة بعد سقوط نظام بشار الأسد ، وسقوط الحماية عن المسؤولين عن هذه الجرائم ، وإلا فستكون الدماء التي سقطت في لبنان على يد هؤلاء المجرمين قد ذهبت سدى.
وما قاله وئام وهاب عن طلب النظام السوري منه افتعال فتنة او مشكلة في الجبل مع وليد جنبلاط ، قد يكون المفتاح الذي يكشف الكثير مما كان يحدث في لبنان طوال السنوات الماضية.
وهناك موضوع آخر كشف عنه وئام وهاب وهو تصنيع و تجارة المخدرات من قبل نظام بشار الأسد ، واعتباره أن معامل إنتاج الكبتاغون كانت غلطة كبيرة ، "لكن لم يكن له حل مع بشار" ، ومعروف للقاصي والداني أن لبنان كان السوق والجهة التي كان يصدر منها النظام السوري مخدرات الكبتاغون الى الدول العربية والأوروبية ، والأجهزة الأمنية اللبنانية كشفت في كثير من الحالات بعضا من هذه التجارة وألقت القبض على بعض المسؤولين عنها ، لكن ما كانت تكشفه الأجهزة الأمنية اللبنانية هو فقط رأس الجليد من تجارة المخدرات التي كان يديرها النظام السوري عبر لبنان ، وبالتعاون والتنسيق مع أزلامه في لبنان ، واليوم وقبل كل شيء مطلوب من الأجهزة الأمنية اللبنانية التي تملك الكثير من المعلومات حول تجارة الكبتاغون عبر لبنان ، وتعرف المسؤولين عنها سوريا ولبنانيا ويمكنها أيضا التحقيق مع ازلام النظام السوري في لبنان للكشف عن كل ما يتعلق بتجارة المخدرات ، وهذا يرتب أيضا على القضاء اللبناني دورا أساسيا ومباشرا في توقيف ومعاقبة المسؤولين عن تجارة المخدرات في لبنان التي دمرت وتدمر الشباب اللبناني.
النقطة الأخيرة ولعلها الأهم تتعلق بالنصائح السياسية التي أصبح يقدمها أزلام النظام السوري السابق للبنان واللبنانيين ، ومنها ما قاله وئام وهاب الذي رأى أن "الامة لا تريد الحرب وإذا سألوني: فلنذهب الى السلام مع اسرائيل"، كما اعتبر أن "المحور انتهى بإغتيال (قائد فيلق القدس الإيراني السابق) قاسم سليماني و(الأمين العام الراحل لحزب الله) السيد حسن نصرالله"، وقال: "أنصح الشيعة بالتطبيع والسلام مع إسرائيل".
فهل يريد هؤلاء الازلام الذين كانوا الصوت والسوط للنظام السوري في لبنان طوال السنوات السابقة ان يأخذوا لبنان واللبنانيين الى التطبيع مع العدو الصهيوني بعدما سقط هذا النظام على يد الشعب السوري ، أم يريدون أن يلعبوا دورا جديدا عند الأميركان وغيرهم كما كانوا يمارسون أيام نظام الأسد.
أقول فليخرس هؤلاء الأزلام ، فبعدما كانوا ادوات للقتل والإجرام وغطاء لتجارة المخدرات أيام نظام بشار الأسد ، يريدون اليوم أن يقدموا أنفسهم عملاء لأميركا وغيرها تحت عنوان تطبيع العلاقات مع إسرائيل ، ولذلك لا يجب أن يكون لهمأ دور وأية مهام في لبنان الجديد ، وهذه مسؤولية الشعب اللبناني أولا وأخيرا حتى لا ننتقل من الوصاية السورية الى الوصاية الأميركية والإسرائيلية.