إعداد: أمل الزهران.
خاص: شبكة الفجر.
في تطوّر لافت على صعيد جهود وقف الحرب
في قطاع غزة، في مشهد يعكس تصاعد الزخم الدبلوماسي بشأن الحرب، شهد البيت الأبيض الليلة
الماضية لقاءً هو الرابع خلال ستة أشهر والثاني خلال 24 ساعة بين الرئيس الأميركي دونالد
ترامب ورئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في ظل ضغوط أميركية متصاعدة
تهدف إلى التوصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار.
اللقاء، الذي جرى خلف أبواب مغلقة في
المكتب البيضاوي، وبدون تغطية إعلامية أو بيان مشترك، حمل مؤشرات مهمة، خصوصاً مع تركيزه
شبه الحصري على ملف غزة، وفقاً لتصريحات ترامب قبيل الاجتماع، والذي شدد على ضرورة
التوصل إلى حل نهائي للعدوان.
الرئيس ترامب، الذي استهل اللقاء بتصريحات
موجزة أمام الصحفيين، قال إن النقاشات ستركز على غزة فقط، مشيرًا إلى أن هناك ضرورة
للتوصل إلى اتفاق يُنهي الحرب".
فقد تناول الاجتماع بشكل أساسي المبادرة
التي يقودها مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، والتي تتضمن وقفًا
مؤقتًا لإطلاق النار مدته ستين يومًا، يتخلله تنفيذ خطوات متزامنة، تشمل الإفراج عن
الأسرى والمحتجزين من كلا الجانبين، وسحب تدريجي لقوات الاحتلال الإسرائيلي من المناطق
المأهولة في غزة، إضافة إلى السماح بمرور أكبر للمساعدات الإنسانية.
لكن وعلى الرغم من التقدم المحرز في
معظم النقاط، لا تزال قضية واحدة تعرقل التوصل إلى اتفاق نهائي، وهي ما بات يُعرف إعلامياً
بـ "محور فيلادلفيا".
فيما يرى الاحتلال الإسرائيلي أن السيطرة
على هذا المحور تمثل "خط أمني أحمر". وعلى النقيض، تعتبر حركة حماس، ومعها
أطراف عربية داعمة، أن بقاء قوات الاحتلال في هذا الممر يعني عملياً استمرار الاحتلال،
ويتناقض مع جوهر أي اتفاق لوقف إطلاق النار طويل الأمد.
وأوضح مبعوث ترامب الخاص، ستيف ويتكوف،
خلال حديثه لوسائل الإعلام، أن التقدم الحاصل "يفوق أي وقت مضى"، مؤكدًا
أن الخلافات تقلصت إلى قضية واحدة فقط، وأضاف: "وصلنا إلى مرحلة متقدمة جداً،
والكرة الآن في ملعب القادة السياسيين لاتخاذ القرار. هناك فرصة حقيقية لإنهاء هذه
الحرب." ويتكوف أضاف أيضاً: "نحن نعمل على ضمان أن يشمل الاتفاق إطلاق جميع
الرهائن، وإنهاء إطلاق النار، وبدء إعادة الإعمار، وخلق ترتيبات أمنية".
اللقاء بين نتنياهو وترامب يعكس تحوّلاً
مهمًا في مواقف واشنطن تجاه الحرب في غزة، من دعم عسكري مطلق إلى توجه دبلوماسي يسعى
لتسوية سياسية. الخلاف حول "محور فيلادلفيا" يُظهر أن النقاط الخلافية أصبحت
محدودة، ويرتبط موقف الاحتلال الإسرائيلي بتوازنات داخلية أكثر من الاستراتيجية الأمنية.
الإدارة الأميركية تستثمر اللقاء كفرصة لتعزيز نفوذها وتحقيق إنجاز دبلوماسي في ظل
ضغوط محلية ودولية.
تبقى الأيام المقبلة حاسمة. واشنطن
تسابق الزمن لإنجاز اتفاق قبل نهاية الأسبوع الجاري، في حين تزداد المؤشرات على أن
صفقة متكاملة أصبحت قريبة، إن تم تجاوز العقدة الأخيرة.
وبين خطوط التفاوض والضغوط السياسية
والأمنية، يترقب العالم ما إذا كان محور فيلادلفيا، الذي لا يتعدى طوله 14 كيلومتراً،
سيكون سبباً في استمرار حرب دموية، أم بوابة لاتفاق وقف إطلاق النار، يعيد بعض الأمل
لسكان غزة الذين أنهكتهم الحرب.