إعداد: أمل الزهران.
خاص: شبكة الفجر.
في الرابع من آب 2025، وقف لبنان من
جديد على جراحه المفتوحة، يحيي الذكرى الخامسة لأحد أكثر الأيام دموية في تاريخه الحديث...
ذكرى انفجار مرفأ بيروت، الذي هزّ العاصمة والعالم، وما زالت الحقيقة قيد الانتظار.
شهدت بيروت مراسم وطنية وشعبية لإحياء
الذكرى، بدأت منذ ساعات الصباح، وتوزعت بين مسيرات شعبية، صلوات دينية، كلمات باسم
ذوي الضحايا، ومواقف سياسية تؤكد التمسك بالحقيقة والمحاسبة.
وسط دموع لم تجف، انطلقت المسيرات الشعبية
في بيروت تحت شعار "من أجل الحقيقة والعدالة". توافد أهالي الضحايا، الجرحى،
والناجون من الكارثة من مختلف المناطق، حاملين صور أحبّائهم، لافتات تطالب بكشف الحقيقة.
تجمّع أهالي الضحايا وعدد من الشخصيات
السياسية والاجتماعية والناشطين في نقطتين: ساحة الشهداء ومقر فوج الإطفاء في الكرنتينا،
حيث انطلقت مسيرتان نحو تمثال المغترب، المطلّ على موقع الانفجار.
وهناك، نظّمت وقفة رمزية تكريمية، تخللتها
تلاوة أسماء الضحايا، ورفع لافتات تطالب بكشف الحقيقة وتحقيق العدالة، في مشهد يختصر
الوجع اللبناني كله، في حضور وزراء ونواب، بينهم وزير العدل عادل نصار ووزيرة الشؤون
الاجتماعية حنين السيد.
وكان الحضور الرسمي المتضامن مع أهالي
الضحايا لافتًا، حيث قالت وزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيّد في تصريح لقناة MTV:
"وجعي شخصي، كوني فقدت والدتي
في انفجار 4 آب. والحكومة مع أهل الضحايا للوصول إلى الحقيقة ونضمّ صوتنا لصوت رئيس
الحكومة الذي قال بالأمس "لا تدخّل سياسيا ولا يمكن بناء دولة من دون حقيقة".
وفي إطار هذه الذكرى، توقفت الحركة
في مرفأ بيروت تمامًا عند الساعة السادسة مساء. رفعت الرافعات، وأطلقت السفن صافراتها،
مشهد صامت ومؤثر عبّر عن الحزن العميق والاحترام لأرواح الضحايا. لحظة رمزية جسّدت
الحداد الوطني والتضامن مع أهالي الشهداء، ورسالة واضحة بأن المطالبة بالعدالة مستمرة.
كما وضع وزير الداخلية والبلديات، أحمد
الحجار، إكليلًا من الزهر على النصب التذكاري لشهداء فوج الإطفاء، مؤكدًا في تصريح
له أن "التعويض المادي ليس هو الأساس، بل الأهم هو إحقاق الحق".
من جهته، شدد رئيس الجمهورية العماد
جوزاف عون في بيان رسمي، على أن "الدولة اللبنانية بكل مؤسساتها ملتزمة بكشف الحقيقة
كاملة، ومحاسبة جميع المتورطين مهما علت مناصبهم". وأضاف: "العدالة لا تموت،
والحساب آت لا محالة".
كما أعلن وزير الثقافة غسان سلامة عن
إدخال إهراءات القمح في مرفأ بيروت على لائحة الجرد العام للأبنية التاريخية، تخليدًا
لرمزية ما بقي شاهدًا على الفاجعة، وذلك استجابةً لمطالب الأهالي.
وحتى اللحظة، لم تُعلَن نتائج التحقيق
الرسمي في الانفجار الذي سببه اشتعال نترات الأمونيوم المخزنة بشكل غير آمن منذ سنوات.
تحقيق تعرقل مرارًا بفعل التدخلات السياسية، لكنه لا يزال هناك أملٌ لدى أهالي الضحايا،
وسط مطالبات داخلية ودولية بتسريع الإجراءات وتحقيق العدالة الكاملة.
في الذكرى الخامسة... بيروت لم تنسَ،
لبنان لم ينسَ.
إنها ذكرى جرحٍ لم يُختم، ونداء لا
يسقط: العدالة ثم العدالة...