أمل الزهران/ خاص الفجر.
من المنامة – البحرين، حيث يُعقد منتدى
"حوار المنامة"، الذي تحوّل إلى منصة سياسية وأمنية كبرى لبحث قضايا الشرق
الأوسط، وسط مشاركة عربية ودولية واسعة.
برز الحضور اللبناني هذا العام من خلال
مشاركة وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار، الذي شدّد على أنّ لبنان "حاضر فاعل
في محيطه العربي"، وأنّ مشاركته تأتي لتأكيد تمسّكه بالعمل العربي المشترك، وإيمانه
العميق بانتمائه إلى بيئته الإقليمية.
وعلى هامش مشاركته في المنتدى، عقد
الوزير أحمد الحجار سلسلة لقاءات ثنائية، أبرزها مع وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف
بن راشد الزياني، حيث جرى التأكيد على عمق العلاقة بين لبنان والبحرين، وسبل تعزيز
التعاون الثنائي في المجالات الأمنية والاقتصادية. كما بحث الجانبان الجهود اللبنانية
لترسيخ الأمن والاستقرار الداخلي، وتبادلا وجهات النظر حول تطورات الأوضاع الإقليمية
وانعكاساتها على المنطقة.
وفي قراءته لأهمية المشاركة اللبنانية،
أوضح الحجار أن لبنان يعوّل على المنتدى لتأكيد دوره كشريك في الأمن والاستقرار الإقليمي،
ولبحث سبل تطوير التعاون الأمني والاقتصادي، مؤكداً أن بلاده "ماضية في مسار الإصلاحات
وترسيخ الاستقرار الداخلي عبر بسط سلطة الدولة وتفعيل مؤسساتها".
لكن ما حمله الموفد الأميركي إلى الشرق
الأوسط توم براك من مواقف وتصريحات أثار جدلاً واسعاً. ففي وقتٍ يسعى فيه لبنان إلى مدّ اليد والانفتاح
والتأكيد على حضوره العربي، خرج براك بتصريحاتٍ توصف بأنها صادمة، حين وصف لبنان بأنه
"دولة فاشلة"، وأن المؤسسات المالية والمصرفية "تعاني من مشاكل هيكلية
خطيرة"، متحدثاً بلغةٍ لا تمت إلى الدبلوماسية بصلة.
براك دعا بيروت إلى الدخول في مفاوضات
مباشرة مع العدو الإسرائيلي، معتبراً أن "الطريق إلى خفض التوترات واضح، ويجب
أن يكون عبر الحوار مع تل أبيب"، مؤكداً أن واشنطن "ستساعد وتضغط على الكيان
الإسرائيلي لتكون معقولة إذا قرر لبنان المضي في هذا المسار".
هذا الخطاب الأميركي، الذي بدا أقرب
إلى الضغط السياسي منه إلى النصح، أثار استياءً واسعًا، خاصة أنه تجاهل الاحتلال والاعتداءات
الصهيونية المتكررة، وركّز على تحميل الدولة اللبنانية وحدها مسؤولية الأزمات، في وقتٍ
تسعى فيه بيروت إلى تثبيت سيادتها. تصريحات الموفد الأميركي لا يمكن قراءتها خارج سياق
الضغط السياسي المكشوف على لبنان.
بين خطاب الوزير الحجار الذي يعكس رغبة
لبنانية في الانفتاح العربي والإقليمي واستعادة الثقة، وتصريحات الموفد الأميركي التي
تعكس تشكيكاً أميركياً في قدرة الدولة اللبنانية على الإمساك بزمام الأمور.
فمن جهة، تسعى بيروت إلى تأكيد حضورها
السياسي واستعادة الدعم العربي والدولي، ومن جهة أخرى، تواجه انتقادات حادة وضغوطاً
متزايدة بشأن ملف سلاح والإصلاحات الاقتصادية المطلوبة.
لبنان
حاول في "حوار المنامة" أن يبعث برسالة مفادها أنه ما زال حاضراً وفاعلاً
في محيطه العربي، لكن الرسائل الأميركية حملت تحذيرات واضحة. وبين الرغبة في استعادة
الدور، والضغوط الدولية المتصاعدة، يبقى لبنان في موقع المراقَب أكثر منه المشارك في
تحديد مسار الأحداث في المنطقة.