يشهد لبنان في هذه الأيام واحداً من
أكثر الأسابيع حساسية على المستويين الأمني والدبلوماسي، في ظل تداخل المسارات
السياسية والعسكرية، وتكثيف الاتصالات الدولية الهادفة إلى منع انزلاق الوضع
مجدداً نحو مواجهة واسعة.
فيما تشهد الساحة اللبنانية حراكاً
دبلوماسياً – أمنياً كثيفاً، تتقدمه تحركات دولية تقودها فرنسا والولايات المتحدة،
بالتوازي مع اجتماعات مفصلية للجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية، "لجنة
الميكانيزم".
في هذا الإطار، استقبل رئيس
الجمهورية العماد جوزاف عون قائد الجيش العماد رودولف هيكل، وزوّده بتوجيهاته قبيل
مشاركته في الاجتماع الدولي الذي تستضيفه باريس، والمخصص لبحث دعم الجيش اللبناني
وتثبيت الاستقرار الأمني. واطّلع الرئيس عون مع قائد الجيش على نتائج الجولة
الميدانية التي قام بها سفراء ودبلوماسيون أجانب في منطقة جنوب الليطاني، والتي
أظهرت بحسب التقييم الرسمي تقدماً ملموساً في انتشار الجيش وحصر السلاح، مع
انطباعات إيجابية لدى المجتمع الدولي.
ويُعقد اليوم اجتماعاً في باريس
بمشاركة موفدين من فرنسا والولايات المتحدة والسعودية، إضافة إلى قائد الجيش
اللبناني، ويُنظر إليه على أنه محطة تمهيدية لمؤتمر دولي مرتقب لدعم المؤسسة
العسكرية. ويعوّل لبنان على هذا الاجتماع لتأمين دعم مالي ولوجستي وتقني للجيش،
الذي يواجه تحديات متزايدة على المستويات الأمنية والبشرية واللوجستية، في ظل
استمرار الاعتداءات الصهيونية واحتلال نقاط في الجنوب.
بالتوازي، تتجه الأنظار إلى
الناقورة غداً، حيث تعقد لجنة "الميكانيزم" اجتماعها الثاني بعد انضمام
السفير السابق سيمون كرم ممثلاً عن الجانب اللبناني، وقد زوّد رئيس الجمهورية
السفير كرم بتوجيهاته قبيل الاجتماع. كما يُفترض أن يتأثر مسار الاجتماع بنتائج
لقاء باريس، سواء من حيث الدعم السياسي للبنان أو من حيث الضغوط الدولية لمنع التصعيد.
رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون
شدد، في مواقف رسمية، على أن "التفاوض لا يعني استسلاماً"، مؤكداً أن
هدف الدولة هو إبعاد شبح الحرب، تثبيت الأمن في الجنوب، دعم الجيش، وإعادة
الإعمار، معتبراً أن حصر السلاح بيد الدولة يشكل مدخلاً أساسياً لبناء الدولة واستعادة
الثقة الداخلية والدولية.
في
الخلاصة، يقف لبنان أمام مفترق حساس: حراك دبلوماسي مكثف، ضغط دولي لمنع التصعيد،
ورهان على الجيش اللبناني كركيزة للاستقرار، وبين اجتماع باريس واجتماع الناقورة،
تتحدد ملامح المرحلة المقبلة.
أمل الزهران/ خاص الفجر