أمل الزهران/ خاص الفجر
في ظل الأزمة المالية والاقتصادية غير
المسبوقة التي يمرّ بها لبنان، تتكثف الجهود الحكومية لإعادة الانتظام إلى المالية
العامة، واستعادة الثقة داخلياً وخارجياً. مسارٌ إصلاحي شائك، تواكبه لقاءات مكثفة
مع المؤسسات الدولية، ونقاشات نيابية حول الإنفاق العام، في محاولة لوضع البلاد على
سكة التعافي ومنع المزيد من الانهيار.
في هذا الإطار، أكد وزير المالية ياسين
جابر، خلال اجتماع مع ممثل لصندوق النقد الدولي فردريكو ليما، التزام الحكومة اللبنانية
بتنفيذ إصلاحات مالية مسؤولة وشفافة، تصون المصلحة الوطنية وتحمي حقوق المودعين.
وجرى خلال اللقاء استعراض التقدّم المحقق
في القوانين المالية الأساسية، ولا سيما تلك المتعلقة بحماية الودائع، وتعزيز متانة
القطاع المصرفي، وتحسين الحوكمة، إلى جانب تحديث الإطار المالي متوسط الأمد بما يدعم
استدامة المالية العامة والاستقرار الاقتصادي.
وفي السياق نفسه، بحث رئيس الحكومة
نواف سلام مع المستشار الاقتصادي للمبعوث الخاص للرئيس الفرنسي إلى لبنان التقدّم المُحرز
في إعداد مشروع قانون الفجوة المالية. وقد جرى التأكيد على ثبات المبادئ الأساسية التي
تحكم هذا المشروع، وفي مقدّمها حماية حقوق المودعين، والعمل على إرساء قطاع مصرفي سليم
قادر على استعادة الثقة والاستقرار، بما يساهم في تحفيز تعافي الاقتصاد اللبناني.
على خط موازٍ، استقبل وزير المالية
وفداً من البنك الدولي، حيث تم بحث مسار إصلاح قطاع الطاقة، ولا سيما استراتيجية إصلاح
قطاع الكهرباء وآليات تنفيذها. وتناول النقاش التقدّم في تنفيذ قرض الطاقة بقيمة مئتين
وخمسين مليون دولار، والذي بدأ صرف جزء من مخصصاته، مع التأكيد أن هذا التمويل يشكّل
خطوة مهمة، لكنه غير كافٍ لتغطية حجم الإصلاحات المطلوبة وإعادة تأهيل البنى التحتية
الأساسية.
بالتوازي، تواصل لجنة المال والموازنة
النيابية جلساتها لبحث اعتمادات عدد من الهيئات والمؤسسات العامة، وسط تشديد رئيسها
النائب إبراهيم كنعان على ضرورة وقف الهدر، وتسريع إعادة هيكلة القطاع العام، وعدم
صرف اعتمادات لمؤسسات لا تقوم بمهامها، مع المطالبة بدعم الهيئات ذات الطابع الإنساني
والرقابي.
في الخلاصة، تشير هذه التطورات إلى
أن ملف الإصلاحات المالية دخل مرحلة أكثر جدية على مستوى التشريع، والتنسيق مع الشركاء
الدوليين، ومراجعة آليات الإنفاق العام. إلا أن نجاح هذه الجهود يبقى مرتبطاً بسرعة
التنفيذ، وترجمة التعهدات إلى خطوات ملموسة تعيد الثقة بالقطاعين المالي والمصرفي.
وبين الالتزامات الحكومية والمطالب الدولية، يبقى الرهان على أن تشكّل هذه الإصلاحات
نقطة تحوّل فعلية تمهّد لتعافٍ اقتصادي تدريجي، يخفف من الأعباء عن اللبنانيين ويعيد
الاستقرار إلى البلاد.