إعداد: أمل الزهران.
خاص: شبكة الفجر.
في خطوة تُعد من أبرز التطورات التشريعية
المرتبطة بقطاع الكهرباء في لبنان خلال السنوات الأخيرة، أقرّت الهيئة العامة لمجلس
النواب، مشروع القانون الوارد بالمرسوم رقم ٣١٧، الرامي إلى طلب الموافقة على إبرام
اتفاقية قرض بين الجمهورية اللبنانية والبنك الدولي للإنشاء والتعمير، وذلك بقيمة
250 مليون دولار، بهدف تنفيذ مشروع للطاقة المتجددة وتعزيز نظام الطاقة في البلاد.
وفي جلسة نيابية أُقرّ مشروع القانون
بأكثرية 45 صوتاً، مقابل اعتراض 18 نائباً وامتناع 6 عن التصويت. وقد عكست هذه الأرقام
انقساماً واضحاً، لكنه لم يمنع تمرير الاتفاقية، التي قد تعتبر فرصةً لإنقاذ البنية
التحتية الكهربائية في لبنان من الانهيار الكامل.
ويأتي هذا القرض في وقت يعيش فيه لبنان
أزمة كهرباء خانقة، حيث لا تتجاوز ساعات التغذية في معظم المناطق ساعة أو ساعتين يومياً،
في ظل اعتماد شبه كامل على الطاقة الشمسية أو على المولدات الخاصة التي ترهق المواطنين
بتكاليفها الباهظة، وسط تدهور مالي مستمر. فالكهرباء في لبنان، ورغم عشرات الخطط السابقة،
لا يزال هذا القطاع يعاني من تدهور مستمر وانقطاعٍ متكرر زعزع ثقة المواطنين، مما دفعهم
للبحث عن بدائل أفضل.
اتفاقية القرض التي وقّعت في 23 نيسان
الماضي، وأُحيلت إلى مجلس النواب في 16 أيار عبر مجلس الوزراء، تشمل حزمة من المشاريع
الحيوية التي من شأنها، أن تشكّل نقطة تحوّل في القطاع. أبرز هذه المشاريع:
• تمويل
إنشاء مركز تحكّم وطني جديد للطاقة، بما يتيح مراقبة وإدارة شبكة الكهرباء على نحو
أكثر دقة وكفاءة.
• تحسين
نظام المحاسبة والفوترة والتحصيل في مؤسسة كهرباء لبنان، وهي واحدة من أضعف الحلقات
التي تسببت بعجز مزمن في مالية المؤسسة بسبب الهدر والتعديات.
• تطوير
مزارع طاقة شمسية قابلة للتوسع، حيث يُفترض أن تنتج المرحلة الأولى 150 ميغاواط من
الكهرباء، وتوفّر نحو 40 مليون دولار سنوياً من كلفة الفيول.
• إعادة
تأهيل ثلاث محطات كهرومائية على نهر الليطاني، في إطار استثمار ما تبقّى من الموارد
المحلية المستدامة.
• تعزيز
البنية التحتية لشبكة النقل الكهربائي، التي تعاني من تهالك كبير وتسرّب كهربائي.
في ظل عجز تقني ومالي، وتراجع القدرة
الإنتاجية، يتعامل اللبنانيون مع الكهرباء كسلعة نادرة. وقد تسببت الأعطال المتكررة،
وسوء التخطيط، والفساد الذي رافق هذا القطاع لعقود، في تحويل مؤسسة كهرباء لبنان من
مصدر خدمة إلى عبء مالي على الدولة والمواطن في آن.
ورغم محاولات متكررة لإعادة تأهيل القطاع،
بقيت معظم الخطط حبراً على ورق، إما بسبب نقص التمويل، أو نتيجة عراقيل داخلية، أفشلت
كل محاولة إصلاح. ويُعلّق اليوم جزء كبير من الأمل على تنفيذ هذه الاتفاقية الجديدة
بشفافية كاملة، ومن خلال آليات رقابة صارمة.
إقرار اتفاقية القرض مع البنك الدولي
يشكّل خطوة متقدمة على طريق إنقاذ قطاع الكهرباء في لبنان، لكن التجربة اللبنانية الطويلة
مع الوعود والمشاريع غير المكتملة تُبقي الحذر قائماً. فالمواطن اللبناني، الذي سئم
العتمة وساعات الانتظار، لا ينتظر المزيد من الخطط، بل يريد كهرباء متواصلة، بسعر عادل،
وبآلية شفافة.
ويبقى السؤال الأهم: هل سيسلك هذا المشروع
طريق التنفيذ الفعلي بكل شفافية؟